بالأمس تناولت في مقالي مصطلح «الكتاب الأشباح» وكيف أنهم كتّاب للإيجار، يكتبون قصائد او مقالات او كتبا كاملة لصالح أشخاص معروفين او نافذين على الا ينسب الفضل الأدبي لهم، بل ينسب لمن كتبت لصالحه القصيدة او المقالة، وخليجيا عرف اكثر من شاعر بأنه كان يشتري قصائده وينشرها باسمه، وكيف ان شخصيات كتبت الشعر وعرفوا بانهم شعراء بينما اغلب الشعراء والنقاد يعلمون ان تلك القصائد لم يكتبها شاعرها بل اشتراها من شعراء إما من نجوم وإما من مغمورين ونسبها الى نفسه بعد ان دفع ثمنها لشاعرها الأصلي.
سياسيا في الكويت ينشط مجال الكتاب الأشباح في مواسم الأعراس الديموقراطية، وفي الانتخابات تحديدا، ففي وسط هذا السباق يتعاقد عادة من يسعى لترشيح نفسه مع كاتب متخصص او حتى غير متخصص لكتابة تصريحاته الصحافية، بل وطرح برنامجه الانتخابي من الألف الى الياء، ويختلف الكتاب الأشباح الذين يقومون بدور الكتابة نيابة عن المرشح في المستويات، منهم المحترف السياسي المتخصص ومنهم من يقوم بالكتابة الإنشائية ونقل التصريحات للمرشح من تصريحات سابقة، بعضهم يعمل منفردا وآخرون منهم يعملون ضمن فريق متخصص، وعامة كل تلك التصريحات مجرد جزء من الحملة الإعلامية للمرشح وهي تنفع بقدر حجم المرشح وتأثيره في دائرته.
أما أخطر أنواع الكتاب الأشباح كما عرفتهم فهم من يقومون بالكتابة لصالح ساسة سواء في الموالاة او المعارضة، وهؤلاء يتصدون لكتابة الخطب الرنانة لشخصيات سياسية لها ثقلها، بعيدا عن الارتجال الذي يجيده عدد لا بأس به من الساسة، ولكن بعضهم يلجأ للكتاب الأشباح، وهؤلاء لا يظهرون في الصورة ابدا، ولكنهم أحيانا ومن وراء ستار المشهد السياسي يلعبون دورا خطيرا في كتابة خطب، بل أحيانا رسم خط سير خطاب سياسي كامل أحيانا يكون بدون علم السياسي الذي يكتبون من اجله الخطاب.
الكتاب الأشباح المتمرسون في هذا المجال السياسي المحلي في الكويت يعدون على أصابع اليدين، وبعضهم يكتبون للطرفين، بل لأكثر من معسكر، وكما ذكرت آنفا بعضهم محترف جدا وبعضهم لا يجيد سوى الكتابة الإنشائية غير الموجهة.
وجودهم طبيعي جدا، وليس فيما أقوله تحذير منهم، فهذا دورهم، وهذا صميم عملهم، ولكن الفارق بيننا وبين الغرب ان الغربيين يعترفون بوجود هذه النوعية من الكتاب الأشباح، اما لدينا فلا نعترف بوجودهم.
الأطرف في الموضوع ان لدينا هنا من المثالية ما ينكر وجود كتاب او شعراء أشباح ويعتبرون وجودهم عيبا، بينما الغرب يعترفون بوجودهم، بل ان هناك نقابة خاصة بالكتاب الأشباح في الولايات المتحدة الأميركية، وان كان الأمر يدخلهم أحيانا في دائرة جدلية أدبية الا ان الأمر مقبول لديهم بل يعتبرونه أمرا اعتياديا جدا، أما لدينا ولأننا مثاليون بشكل مبالغ فيه فلا نعترف بوجود هؤلاء الأشباح.
[email protected]