ذعار الرشيدي
نعم هم زاعقون لا أكثر، ومستنسخون عن آخرين لا أكثر، هكذا رأيتهم ووجدتهم بعد أن راجعت وعلى مدار 24 ساعة ندوات مرشحي 2009 المصورة، أحسست أنني أرى في بعضها نسخا قديمة مشوهة لرموز سياسية قديمة بعضها لايزال نجمه متوهجا وبعضهم غيبوا نجمهم زهدا في الكرسي.
عندما يشاهد أحدنا أي ندوة أو يحضرها وبعد أن ينتهي المرشح من خطبته العصماء «غالبا ما تكون لا عصماء ولا يحزنون» يخرج بسؤال مفاده «يا ترى وين شفت هالحچي من قبل؟» لتأتيه النتيجة كالتالي: «شفتهم في كذا فيلم سياسي كويتي قديم».
الكل يتحدث عن المال العام بحديث «مانشيتات» صحف، ويتحدثون عن الثلاثي الكوكباني «الصحة والإسكان والتعليم» ولا شيء آخر ويبدأون بسرد كلام لا يسمن ولا يغني نملة من جوع.
ما الجديد على الساحة؟ لا شيء، مجرد وجوه تتغير وحديث يكاد يفقد لـــونــــه وطعمه ورائحته بعد أن تمضمض به مئات المرشحين على مدار ربع قرن.
أما قصة «سأستجوب الوزير الفلاني والوزير العلاني» فمذهب جديد اتبعه كثير من المرشحين، وكأنه تهديد لابد أن يختم به حديثه كل مرشح معتبرا إياه مفتاح القوة ورمز المعارضة والطريق إلى قلوب البسطاء من حضور الندوة الذين يتملكهم حس الرغبة الانتقامية ضد كل ما هو حكومي حتى لو كان «حچي بحچي» على لسان مرشح لسعت دماغه حمى الترشيح.
هل تعتقدون أنني أبالغ؟ حسنا عليكم بصنيعة الغرب المسمى «اليوتيوب» وراجعوا خطب مرشحي 2009، مرشحا مرشحا، وأتحداكم أن تجدوا مرشحا واحدا وقف على منصة الخطبة في مقره وأعلن عن برنامجه الانتخابي، بل على العكس تجدونهم يتحدثون في كل شيء وعن أي شيء ومن أجل أي شيء إلا المدعو «البرنامج الانتخابي» فلا أحد يتحدث عنه ولا يتناوله ولا يتطرق إليه.
أصدرت حكمي هذا من واقع مراجعة ندوات 20 مرشحا من الجدد الراغبين وبقوة في الوصول إلى مجلس 2009، ووجدت أن 75% يستعرضون قدراتهم الخطابية و25% يحاولون تصدير صورتهم تمثيلا بصراخ مزعج لا علاقة له بالسياسة بل أقرب ما يكون إلى أصوات دلالين وشريطية فوق «كبوت» وانيت 2001 يريد صاحبه بيعه بربع الثمن، أما الربع الباقي فوجدتهم يخلطون حديثهم بعبارات دينية بين كل جملة وأخرى مستشهدين على حادثة شهدوها اثناء عمرتهم الرابعة عشرة وأخرى أثناء عمرتهم الخامسة والعشرين وكيف أنه يستذكر الصحبة الصالحة مستدرين عواطف الخلق بادعاء التقوى ولكن ما هكذا تؤتى السياسة ولا هكذا يستخدم الدين.
ولكن أيا منهم لم يقدم مادة واحدة من برنامجه الانتخابي بل لم يأت أي منهم على ذكر المسكين الفقير المدعو «برنامج انتخابي»، وإذا أتى على ذكره بالخطأ تجده يتحدث بالعموميات التي يمكن لطفل في العاشرة من عمره أن يطرحها وبتمكن بليغ أيضا، كون الأمر لا يستلزم أكثر من تركيب جمل عن القضية دون التطرق إلى لب الموضوع، كأن يقول لابد من إصلاح التعليم، ولكن هل يجيب المرشح عن رؤيته لإصلاح التعليم؟ حاش وكلا أن يأتي على ذكر رؤيته لإصلاح التعليم، لأنه أصلا لا يملك رؤية عن هذا الإصلاح الذي يتحدث عنه، وكذلك الأمر بالنسبة للصحة والإسكان وغيرهما من القضايا الحيوية ويكتفون بطرح معالجة القضايا على طريقة تناول «مانشيتات الصحف».
ووجدت أن خللا ارتكبه 20 مرشحا لابد أن يكون في الحضور أو في القاعدة الجماهيرية التي تحضر تلك الندوات، فلم اشاهد شخصا واحدا وقف ليسأل أيا من المرشحين العشرين عن الرؤية أو البرنامج الانتخابي.
وكنت كلما انتهيت من سماع خطبة من خطب مرشحي 2009 أتذكر جملة الفنان سعيد صالح في مسرحية «العيال كبرت» وهو يقول: «هبني لكم مسجد وجامع.. ولا هتشوفي وشي بعد ما أنجح في الانتخابات»!