قانون الوحدة الوطنية فكرته نبيلة للغاية، ومواده من الناحية القانونية متكاملة إلى حد كبير، ولكن المشكلة ليست في القانون ولكن في كيفية استخدامه سواء من قبل الحكومة أو من قبل مدمني إقصاء الآخر، هذا القانون مثل السكين الحادة يمكنك ان تستخدمها لإعداد وجبة لتطعم بها فقراء ويمكنك ان تستخدمها لقتل شخص وتقطيع أوصاله، وهذا ما يحصل اليوم مع تطبيقات البعض لهذا القانون.
في الكويت المشكلة لدينا في استخدام القوانين وليس في القوانين نفسها بل في التطبيق، فقضية صحة النظرية وخطأ التطبيق قائمة لدينا بشكل لا يتخيله عقل.
بالأصح، المشكلة في طريقة تطبيق القوانين، أحيانا لأن تطبيقها يتم بشكل انتقائي، وأحيانا لان تطبيقها يأتي بشكل عام بلا مبررات، واحيانا لا تطبق لمدة 20 عاما وفجأة يصحو أحد المسؤولين ثم يقرر ان يتم تطبيق القانون هذا او ذاك، وعندما يفاجأ الناس بالتطبيق يقولون لك: «هذا القانون موجود ولكننا قمنا بتفعيله.. فقط». حسنا بارك الله فيكم، طبقوا كل القوانين على الجميع بلا استثناء ولا انتقائية ولا تأخير، وعندها سيحلف برأس الحكومة الصغير قبل الكبير.
أما مسألة ان هذا قانون نطبقه وذاك نؤجله وهذا نستخدمه لحالة خاصة دون غيرها، فهذا الأمر أبعد ما يكون عن العدالة، العدالة لا تتحقق إلا بتطبيق كامل القوانين على الجميع دون استثناء.
نحن ليس لدينا مشكلة في تطبيق القانون، لا أعتقد ان أحدا لديه مشكلة، والقضاء هو صاحب كلمة الفصل في النهاية.
القاعدة بسيطة، تحت يديك قانون فعليك ان تطبقه على الجميع، إذا كان هناك خلل في القانون أو عوار تشريعي، فعلى مجلس الأمة ان يقوم بتغيير القانون، الأمر سهل وليس بحاجة إلى حاو أو ضارب ودع ولا حتى إلى عالم فيزياء نووية.
لنتحدث عن تطبيق القانون على أرض الواقع بعيدا عن قانون الوحدة الوطنية، مثلا هناك في سوق السمك مجموعة من الدلالين والشريطية الذين تتسبب مضارباتهم وتهريبهم لكميات السمك من السوق قبل عرضها للمستهلكين في ان يصل سعر سلة الربيان الى 75 دينارا وكيلو الزبيدي الكبير الى 15 دينارا، وأغلب هؤلاء الشريطية مخالفون لقانون الإقامة، وإذا كانت التجارة بمفتشيها ومراقبيها غير قادرة على ضبطها فيمكن لوزير الداخلية ان يأمر بأن تتم حراسة السوق بدوريات أمن عام عادية بداية من نزول مخزون الأسماك الى السوق من الصيادين، وتتحقق من هويات هؤلاء الشريطية وإقاماتهم وترحيلهم الى الإبعاد في حال ثبوت مخالفتهم لقانون العمل، دورية شرطة أمن عام ويعود سعر السمك الى مستواه الطبيعي، ذلك كل ما في الأمر.
أما ان يتحكم في جزء مهم من أمننا الغذائي مجموعة من المضاربين من جنسية عربية تحت سمع وبصر رجال التجارة ويرفعوا سعره إرضاء لمكاتب الدلالة وبعض الصيادين كونهم منظومة واحدة، فهذا الأمر يجب ان يتوقف.
تطبيق القانون ليس على الوحدة الوطنية فقط، بل حتى في سوق السمك، ذلك ان كنتم تفهمون ماذا تعني سيادة القانون.
جربوها فقط، دوريتا أمن عام في أسواق السمك وستعود الأمور الى نصابها من حيث الأسعار أو من حيث النوعية، وأما مفتشو التجارة ومراقبوها فلا ألومهم ويبدو ان الأمر خرج عن سيطرتهم.
[email protected]
[email protected]