في أوائل التسعينيات لجأت الكويت الى تأسيس مكاتب اعلام خارجي في معظم الدول العربية، وكان الهدف غير المعلن لها أن تقوم بعملية الدفاع إعلاميا عن صورة البلاد الخارجة لتوها من براثن الاحتلال وتسعى جاهدة الى توضيح موقفها الحقيقي وتحسين صورتها الإعلامية التي شوهتها آلة اعلام النظام العراقي السابق، ونجحت تلك المكاتب في غضون سنوات قليلة في تحسين الصورة ومسح الصورة المشوهة وزرع صورة حقيقية عن سياسات الكويت، ونجحت تلك المكاتب التي تعتمد على أسلوب المدرسة الإعلامية القديمة بأسلوبها المباشر في التواصل مع الصحف والكتاب والمثقفين في الدول التي تعلن فيها وان تؤدي العمل المنوط بها.
منذ سنوات تم اغلاق مكاتب الاعلام الخارجي، بعد ان تملك الحكومة اعتقاد انه لم يعد هناك أي حاجة الى تلك المكاتب، والحقيقة التي تبينت الآن وتتضح صورتها اكثر وأكثر ويوما بعد آخر ان اغلاق المكاتب كان خطأ فادحا، وان الاستمرار في إهمال عودتها أمر تزداد خطورته على صورة البلد، ذلك ان السياسة الخارجية للدولة يجب ان تساندها ذراع إعلانية على الأرض في أي عاصمة من عواصم العالم، بل إن الحاجة ليست فقط الى إعادة افتتاح تلك المكاتب في عواصم عربية وعالمية محددة بل يجب ان تشمل دولا اكثر من السابق.
نعم نحن الآن نعيش عصر الفضائيات والانفتاح التكنولوجي الهائل ومنصات التواصل الاجتماعي، لكنها تبقى محدودة التأثير على صناع القرار والجمهور في تلك البلدان، ولاتزال المدرسة القديمة في التواصل الإعلاني المباشر مع الكتاب والمثقفين والصحف اكبر تأثيرا بل أسرع تغييرا على أي مستوى إعلامي.
دولة قطر مثلا تتعرض اليوم لهجمة إعلامية شرسة على المستويين السياسي والرياضي، ولنأخذ الجانب الرياضي، عندما أعلن وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود ومعه وزراء الاعلام الخليجيون ضرورة دعم الشقيقة قطر ضد الهجمة المغرضة التي تتعرض لها في استضافتها لكأس العالم 2022، وقطر ومنذ سنوات ألغت مثل الكويت مكاتب الإعلام الخارجي، والحقيقة ان الإعلام المحلي لا في قطر ولا في الكويت قادر على صد تلك الهجمة لأن موجها اعلى من مده، ويجب العودة لأسلوب المدرسة الإعلامية القديمة في اعادة افتتاح المكاتب الإعلانية الخارجية في اكبر عدد ممكن من الدول، ذلك ان هذا الامر سيعيد قنوات التواصل مع الكتاب والصحافيين والمثقفين في تلك الدول وهم لا يزالون صناع الرأي وموجهيه سواء في الصحف الورقية حيث يكتبون أو في منصات التواصل الاجتماعي بحضورهم.
لذا، قلت المدرسة الإعلامية القديمة لاتزال مؤثرة وعليه يجب عودة مكاتب الإعلام الخارجي فهي ذراع الربط بين الدولة والدول الأخرى.
الولايات المتحدة كمثال عملي حي لاتزال تولي مكاتب الإعلام الخارجي أهمية كبرى لتكون ذراعها الإعلامية في جميع الدول، بل انها تستضيف سنويا مئات الصحافيين من جميع أنحاء العالم في مؤتمرات وجولات وزيارات الى الولايات المتحدة الأميركية، رغم انها أميركا القطب العالمي الأقوى والأعتى ومالكة الاعلام، الا انها لم تتخل عن أسلوب المدرسة القديمة، وهو ما يجب ان نعود إليه سواء في الكويت أو في الشقيقة قطر.
[email protected]