ذعار الرشيدي
باراك أوباما أقام الدنيا وأقعدها ونومها وعاد ليقض مضاجعها بمناسبة مرور الـ 100 يوم الأولى على توليه الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، وطرح خلال التغطية الإعلامية التي صاحبت ذلك الاحتفال الأميركي التقليدي إنجازات إدارته خلال الـ 100 يوم وما تحقق وما لم يتحقق، ونال بعدها 60% من ثقة الشعب الأميركي وإن كانت نسبة اقل من النسبة التي حصل عليها الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي الذي نال 74% من رضا الأميركيين بعد الـ 100 يوم الأولى من حكمه، وتقليد الـ 100 يوم تقليد سياسي يجري في الولايات المتحدة الأميركية منذ العام 1933 إبان حكم الرئيس فرانكلين روزفلت الذي تفاخر بإنجازه 15 تشريعا رئيسيا خلال المائة يوم الأولى من حكمه إبان الكساد الاقتصادي الكبير الذي ضرب الولايات المتحدة الأميركية والعالم في ذلك العام.
ومن كل قلبي أتمنى أن يقوم سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد باعتماد الـ 100 يوم الأولى كتحديد عمل برنامج لحكومته التي ينتظرها الشعب الكويتي بفارغ الصبر وسط تكهنات بأن تكون نسبة التغيير فيها هي الأكبر في تاريخ الحكومات الكويتية بتغيير 13 وزيرا من اصل 16 ما يعني أن الباقين من الحكومات السابقة ـ حسب توقعي ـ هم النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح ووزير الإعلام الشيخ صباح الخالد الذي يعتبر أذكى الوزراء تعاملا مع الرمال السياسية المتحركة للمجالس الثلاثة السابقة، أما من سيحملون الحقائب الأخرى فلايزالون في علم الغيب وإن كانت بورصة اسماء المرشحين للوزارة بدأت تضرب في كل ركن من أركان شارع الصحافة، إما على شكل تسريبات كبالونات اختبار أو جس نبض سريع أو حتى حلم الراغبين في الوزارة الذين لا تفوتهم الفرصة بالزج بأسمائهم كمرشحين خلال أي فترة سابقة لتشكيل أي حكومة.
كتبت وملّ مني «الكي بورد» من كثرة ترديدي مع كثير من الكتاب جملة «إلا المحاصصة يا سمو الرئيس» إلا أنه يبدو أن الواقع السياسي سيفرض نفسه، حسنا فلتكن محاصصة ولكن في أضيق الحدود، بل في أدنى درجاتها لأن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة صدامات غير متوقعة حتى مع ارتفاعات نبرة التفاؤل بأن المجلس الجديد سيكون مجلس تعاون وتنمية.
وإن كنت أثق ثقة تامة بأن هناك استجوابا قادما وبقوة سيسبقه صراع نيابي ـ نيابي معلن يظهر إلى العلن بعد انتهاء التكتيكات السياسية لترشيحات لجان المجلس، وبعدها يكشر النواب الإسلاميون عن أنيابهم السياسية بشراسة غير معهودة، وعلى الحكومة القادمة أن تعي أنها ستتعامل مع «نمر جريح» لا يتورع عن فعل أي شيء لإثبات وجوده السياسي ومحاولة تضخيم حجمه بعد أن فقد حجم تمثيله السياسي، فنائب واحد كاف لقلب الطاولة على الجميع، لا أحذر من الإسلاميين هنا ولكن أحذر من فتح الباب لأي ممن يحاولون أن يسجلوا انتصارا سياسيا سريعا أملا في كسب سياسي خاص تخسر معه جميع الأطراف.
الـ 100 يوم التي نريدها هي 100 تحاسب الحكومة نفسها بنفسها، من أجل أن تعمل جرد حساب لإنجازات الوزراء أولا بأول وذلك لسد الباب قبل أن يحاسبها الآخرون وخاصة ممثلي الكتل الإسلامية الذين لن يكونوا بحاجة إلى أكثر من خطأ بسيط حتى يقوموا بقلب الطاولة، وهو حق سياسي مشروع لهم وفق ما يتوافر من معطيات لن يتورعوا عن استخدام أي ظرف لمصلحتهم وهو حق مشروع، ولكنه سينهي كل ما تم تحقيقه من أحلام نتمنى أن تتحقق على يد المجلس الجديد.