ذعار الرشيدي
أرخص وأخطر أنواع الأسلحة على الإطلاق هي الإشاعة، أدوات تحضيرها سهلة للغاية، فلا يكلف أمر عملها سوى فكرة شيطانية مدروسة عبر تكوين قصة محبوكة ومن ثم إيجاد أرض خصبة لتكون منصة لإطلاقها، ولا أجد حقيقة حية يمكنني عمل الإشاعة بها سوى تفسير أحد الزملاء عندما قال: «اذهب إلى أي ديوانية تضم 13 شخصا وقل سمعت أن فلانا تزوج فتاة أميركية منذ 6 أشهر وأنه يبقي الأمر سرا وهذا هو سبب مشكلاته الأخيرة مع زوجته كان الله في عونها وعون أولاده ولا تؤكد لرواد الديوانية الخبر، وبعد خروجك سيصدق على الأقل ثلاثة أشخاص روايتك المزعومة بزواج فلان، وهناك ثلاثة آخرون غيرهم سيطرحونها كتساؤل أمام آخرين بعد خروجهم من الديوانية، ولنقل أن السبعة الآخرين في الديوانية لن يصدقوك، وكل ما عليك أن تفعله هو أن تنتظر أقل من أسبوع حتى تجد أن هذه الإشاعة قد أصبحت على ألسنة أقرباء وأصدقاء وأبناء منطقة فلان الذي اتهمته بإشاعاتك الكاذبة حول قصة زواجه».
تقول النظرية العلمية للإعلام انه لو شاهد 3 أشخاص جريمة قتل في ميناء نيويورك وقام كل منهم بروايتها لـ 3 آخرين، وقام كل واحد من الثلاثة الآخرين بنقلها لشخص آخر يقوم هو بدوره بنقلها إلى 3 غيره، فإن المتوالية الحسابية لنقل 1 إلى 3 بشكل انشطاري ستعمل على نشر خبر جريمة القتل في أنحاء الكرة الأرضية خلال 24 ساعة فقط، وكانت هذه النظرية الحسابية قد أطلقت قبل أن يتم اختراع الهاتف أو وسائل البرق فما بالكم اليوم في ظل وجود الإنترنت وقنوات المحادثة المفتوحة واليوتيوب والماسنجر والرسائل القصيرة، فلن يستغرق الأمر ساعات حتى يلف الكرة الأرضية و24 ساعة للوصول إلى المريخ.
فصناعة الإشاعة لا تكلف شيئا ووسائل نقلها مجانية، خصوصا انها تنتقل مشافهة من شخص إلى آخر، وهذا الأمر انتبه إليه كثير من المرشحين سواء في هذه الانتخابات او التي قبلها واتخذوها وسيلة رئيسية في خوضهم للانتخابات حتى أن بعضهم (يشاع عنه) أنه يجند شبابا لنقل أخباره على الإنترنت وقام بتكليفهم بنشر أخبار كاذبة عن منافسيه بقلب الدائرة، وينتشر أفراد شبكته «الإشاعية» على الانترنت بين المنتديات والصحف الإلكترونية خاصة تلك التي تمنح خاصية التعليق على الموضوعات والمقالات التي تنشرها على صفحاتها.
لذا مخطئ من كان يظن أن فترة العشرة أشهر التي غيّر بها الشعب الكويتي قناعاته وقام بتغيير شامل لنوعية النواب الذين وصلوا إلى المجلس هي فترة طويلة بل هي قصيرة جدا، وإذا وجد شخص ما أو مجموعة ما متمكنة من معرفة أسرار نشر الإشاعات في ظل غياب الشفافية الحكومية فيمكنها أن تغير قناعات الـ 300 ألف ناخب بأسبوع واحد وليس بعشرة أشهر وقد حدث هذا الأمر بالفعل والنتيجة اسمها مجلس أمة 2009.