ذعار الرشيدي
المعلق الإماراتي المتميز فارس عوض استطاع وخلال أقل من عامين أن يؤسس لنفسه قاعدة جماهيرية عريضة تمتد من شرق الخليج إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، يعرفه جميع عشاق الساحرة المستديرة كما يعرفون جاسم يعقوب وماجد عبدالله وإسماعيل مطر وسعد الحارثي وياسر القحطاني، ولم أتعرف عليه معلقا إلا في مباراة نهائي كأس ولي العهد التي جمعت فريقي القادسية والعميد، ومع متابعة الـ 120 دقيقة لتلك المباراة عرفت لماذا استحق فارس عوض هذه الجماهيرية الطاغية والتي جعلت السيد «غوغل» يفرد له أكثر من 67 صفحة بحث صافية بآلاف النتائج والسيد «يوتويوب» يفرد له أكثر من 750 مقطع ڤيديو بتعليقه على مباريات محلية وإقليمية وعربية وعالمية من معجبين وجدوا أن صوته يستحق أن يملأ فضاءات اليوتيوب.
شاهدت مباراة نهائي كأس ولي العهد على قناة أبوظبي ولم أشاهدها على تلفزيوننا، وعرفت لماذا يعشق الجميع هذا المعلق النادر، أولا لأنه مثقف بدرجة عالية جدا، يعرف كل اللاعبين المشاركين في المباراة التي يعلق عليها، ما يعني أنه يحضر واجبه جيدا قبل المباراة ويعرف كامل تفاصيل اللاعبين الأساسيين والاحتياط بالإضافة إلى امتلاكه لمخزون كلماتي هائل يجيد توظيفه في جميع مقاطع المباراة، بحيث لا تحس مع تعليقه بمرور الوقت، وأعتقد أنه لو علق على مباراة تجمع فريق ماكاو والهند لوجدت فيها كمتابع متعة حتى ولو كان رتم المباراة يصل إلى درجة الصفر حيث سيرفعه فارس إلى درجة الـ 100.
فارس عوض ليس ظاهرة بل معلق محترف استحق ما وصل إليه وسيستمر إلى ما شاء الله في تميزه لأنه يعرف ويطبق معنى الاحتراف بحذافيره، والاحتراف هو المعنى الذي افتقدناه كثيرا في الخليج العربي منذ سنوات طويلة وضاعت الطاسة بعد أن أصبحت الواسطة هي الطريق لاقتحام جميع المجالات سواء في الرياضة أو غيرها وإلا ماذا يعني أن فريقنا «أزيرق» يتدنى مستواه ومنذ 18 عاما ولا يجد من يرفعه إلا إذا كانت الواسطة هي الداء الذي ضرب في شرايين رياضتنا الكويتية وبعدها دخلت حمى الصراعات التي تدثرت بالسياسة حينا وبالرياضة حينا آخر بحسب الموجة التي يحملها أطراف الصراع لتدخل رياضتنا مرحلة الموت السريري.
في الرياضة أو غيرها لو أعطينا كل ذي حق حقه، ووضعنا الرجل المناسب في المكان المناسب لحلت جميع مشكلاتنا الاقتصادية والرياضية والسياسية دون اللجوء إلى قوانين برغبة واقتراحات قوانين وتشريعات فلا يوجد أفضل من الحلول المنطقية لمشكلاتنا وتطبيق ما هو موجود أصلا لدينا من قوانين، وإعطاء من يستحق كامل حقه ومعاقبة المسيء واستبعاده، فكثير من معلقينا لا يستحقون أن يعلقوا على مباراة ناشئين لربع ساعة ناهيك عن أن نسمح لهم بأن يعلقوا على مباريات كؤوس، وعندما سألت أحد العاملين في القناة الثالثة قال لي «الواسطة فوق الجميع والواسطة تغلب الاحتراف، لدينا محترفون وليس لديهم واسطة ولدينا حكاوايته ولكن لديهم واسطة قوية جدا».
أوقفوا الواسطة وسيتوقف الانحدار الذي تعاني منه جميع المجالات في البلاد، ليس في الكويت فقط بل في جميع دول مجلس التعاون وإن كنت أرى أن الواسطة في الكويت هي الأعلى نسبة بين بقية دول الخليج.
تمنيت أن يقوم الرائع فارس عوض بالتعليق على الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة، حتما كنت سأستمتع بدلا من أن يغالبني النعاس 16 مرة في 6 ساعات عمر تلك الجلسة التي كانت في مجملها تكرارا لما سبق أن شاهدناه أكثر من 4 مرات على مدار السنوات الخمس الماضية.