عندما تحدثت في مقالتي السابقة عن ضرورة وجود قانون لتنظيم النشر الإلكتروني اعتقد البعض بـ «ظن سوء» أنني أدعم التحرك الحكومي، والحقيقة- وبعيدا عن سوء الظن المتأصل في تفكير البعض بل الكثير ممن يتعاطون السياسة- أن الدعوة إلى وجوب وجود قانون هي دعوة منطقية لا علاقة لها برأيي، وفي مقالتي تلك ذكرت أن صدور قانون مثل هذا يجب ألا يتعارض مع الحريات العامة التي كفلها الدستور، وألا يكمم الأفواه بأي شكل من الأشكال، وأن يؤطر الحرية المسؤولة.
***
واكتشفت من خلال تلمس ردود الأفعال على مقالتي تلك أن كثيرا- وأكرر كثيرا- ممن يتعاطون السياسية أو حتى من يساهمون في توجيه الرأي العام لا يفقهون في القانون، بل لم يقرأوا مسودة القانون، ووجدوا أنه مادام قدم من الحكومة فإنه شر مستطير، وفي الحقيقة لا ألومهم، فكثير من القوانين التي تتقدم بها الحكومة فيها «لحمة ضب»، أي مشكوك في أمرها ونياتها، ولكن هذا القانون تحديدا هو قانون للتنظيم، فلا يعقل أننا دخلنا العام 2014 ولا يوجد لدينا قانون منظم لأكبر وسيلة اتصال على وجه الكرة الأرضية.
***
هذا القانون يهدف إلى التنظيم وليس التكميم، ولايزال في مراحل مسودته الأولى، ومن الصعب الحكم عليه ما لم يخرج بشكل نهائي، ودور النواب هنا وقادة الرأي العام من الكتّاب والمغردين والمحللين أن يبدأوا بمناقشة مواد القانون وإبداء رأيهم فيما يجب تغييره بدلا من مهاجمته وتصويره وكأنه ردة في الحريات وحرب شعواء على الحريات العامة.
***
أدعوهم لقراءة قانون تنظيم هيئة الاتصالات، وستعرفون أن قانون تنظيم النشر في مسودته الحالية أرحم 100 مرة، وإن كان من قانون يجب مهاجمته فهو قانون «الاتصالات»، والذي للأسف مر بغرامات 100 ألف دينار ولم يناقشها أحد.
***
بالمناسبة، هناك قانون قادم في الطريق أعتقد أنه سيحمل اسم «قانون الجرائم الإلكترونية»، وهذا القانون سيعدل كثيرا من «الميلان» الذي يحصل عبر بعض مستخدمي الإنترنت والفوضى التي انتشرت جراء التأخر الحكومي أو حتى التأخر النيابي لتشريع قانون مثل هذا.
***
وبالمناسبة أيضا نحن الدولة الوحيدة التي لا تملك قانون للجرائم الإلكترونية رغم أننا من أكثر البلدان استخداما للإنترنت بالنسبة لعدد السكان.
[email protected]