أعلم أن كثيرين ربما راودهم تساؤل وهم يشاهدون مقطعا من مسرحية مدرسة المشاغبين: لم اصبح عادل إمام ثريا وانتهى الأمر بالنجم الراحل سعيد صالح فقيرا يظهر أحيانا بأدوار اقل من ثانوية في أفلام إمام الأخيرة، رغم أنهما من جيل واحد ويتمتعان بنفس الجاذبية ونفس القدرة على الإضحاك، بل ان البعض يعتقد ان سعيد صالح في شخصية « مرسي الزناتي» كان أكثر إضحاكا وحضورا من عادل إمام في شخصية «بهجت الأباصيري» في ذات المسرحية التي أطلقت نجوميتهما.
***
من خلال تتبع الخط الزمني لمسيرة النجمين ستكتشف أمرا مهما جدا هو الذي خلق الفارق بينهما، ذلك أن عادل إمام رفض رفضا قاطعا الدخول في الأفلام الرخيصة «ذات الميزانية المنخفضة» والتي كانت تعرف في الثمانينيات باسم «أفلام المقاولات» بينما قبل بها وأقبل عليها وبشكل مبالغ فيه النجم الراحل سعيد صالح، وهنا كان الفارق بين النجمين، فعادل إمام لجأ إلى الانتقائية والتأني في الاختيارات وثبت على مبدأ، بينما الزناتي سعيد صالح ذهب وراء الانتشار في أفلام المقاولات التي لا تشكل في مجملها من حيث الثقل الفني أي قيمة تذكر أمام أي فيلم من أفلام عادل إمام، بينما كان إمام يقدم فيلما في العام كان صالح يقدم 10 أو أكثر في العام الواحد، صحيح أنها منحته الانتشار الوقتي ولكنها لم تمنحه البقاء في ذاكرة الجمهور، على العكس كان إمام يقدم فيلما واحدا في العام ويبقى في الذاكرة، وهنا كان الفارق بين النجمين، الأول، وأعني سعيد صالح، اختار الانتشار السريع، والثاني عادل إمام اختار الانتشار ببطء وانتقائية، فربح الثاني الرهان وخسر الأول، وكانت المعادلة بينهما أشد وضوحا من شمس رابعة النهار.
***
لم أستعرض تاريخ نجمين كبيرين في مقالة سياسية؟ كما قد يتساءل البعض، والإجابة ببساطة هو ان هناك أطرافا في المعارضة تريد الانتشار السريع عبر الدخول تصريحا في قضايا حالية وان هناك أطرافا في المعارضة أرادت ان تثبت على المبدأ ولم تغير مبدأها وثبتت عليه، الطرف الأول الباحث عن الانتشار السريع سيكون مصيره في النهاية خسارة الجمهور والقضية والمبدأ رغم انهم يتسيدون المشهد اليوم، أما الطرف الثاني الذي لم يغير مبدأه رغم تغير الظروف فهم سيكونون الرابحين في النهاية.
***
الثبات على المبدأ سيكون هو الحصان الرابح في النهاية في أي قصية، وأما التعامل مع المبدأ بشكل مطاطي وحسب الاصطفاف السياسي فيتسبب في خسارة سياسية كبيرة جدا.
***
الثابتون على المبدأ سيكسبون الرهان السياسي كاملا، أما المتلونون فسيخسرون كل شيء، وأتمنى أن تعي أطراف في المعارضة هذه الحقيقة الثابتة حتى لا نخسرهم ويخسرونا كجمهور.
***
توضيح الواضح: عن الأغلبية وانقساماتها أتحدث.
[email protected]