النبل لا يأتي مجزوءا، والصدقة لا تأتي بالأقساط، والإمارة ليست وراثة فقط، ثلاث جمل اختصر بها ما رأيته من صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن سلمان آل سعود امير المدينة المنورة في حفل دار لأيتام المدينة المنورة والذي أطلقته جمعية تكافل ضمن حملة تعرف باسم «جيران النبي»، حضوري كان بالمصادفة وأصلا تواجدي في المدينة المنورة بأكمله كان بالمصادفة، والدعوة وصلتني وأنا أؤدي العمرة من صديق في المدينة المنورة لم أره منذ ١٢ عاما، وفي اليوم التالي لوصولي اصطحبني معه لزيارة دار «جيران النبي» للأيتام، لم أتوقع لا حجم ولا نوعية الحضور والذي كان على رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان، كما حضر عدد كبير من نجوم الكرة السعوديين ياسر القحطاني ومحمد الشلهوب ونايف هزازي وعدد من وجهاء المدينة المنورة.
ما علمته أن الحفل لم يكن مخصصا للتغطية الإعلامية ولكن طريقة تعامل صاحب السمو الأمير فيصل بن سلمان مع الأيتام الذين أحاطوه نسف كل ما يجب أن تتذكره عن البروتوكولات الرسمية لمن هم في مستوى منصبه، نسي الجميع ونسي نفسه وحمل منهم من حمل على كتفه وتحدث مع آخرين واستمع لآخرين، وللأمانة أيضا تملكني اعتقاد بأن ما يحصل لن يطول اكثر من دقيقتين لزوم الصورة الرسمية وبعدها سيدخل لمقابلة المسؤولين والوجهاء، وكم كنت مخطئا، إذ إن صاحب السمو الأمير فيصل استمر في الاختلاط بالأيتام الذين أحاطوه لأكثر من ساعة وهو يستمع لهم ويجاورهم ويلاطفهم.
ما علمته أيضا ان الزيارة بحضور نجوم ناديي النصر والهلال كانت بمبادرة من صاحب السمو الامير فيصل بن سلمان كونه رئيس جمعية تكافل الخيرية.
في اليوم التالي لهذا الحفل توقعت ولكون صاحب السمو الامير فيصل يقف على هرم أهم مؤسسة إعلامية عربية ولكونه أيضا وهو الأهم ابن خادم الحرمين الشريفين وأمير المدينة ان خبر الحفل سينتشر في كل الصحف ووسائل التواصل وان يكون هناك تصريح له، بحثت وبحثت ولكن لم اجد سوى خبرين احدهما لصحيفة سياسية تتحدث عن الزيارة والثاني منشور في صحيفة رياضية ركزت على اللاعبين، سألت صديقي عن ِلم لم يتم النشر في صحف اكثر ومساحات اكبر؟ فقال لي: «اصلا صاحب السمو الامير لم يكن يرغب في التغطية الإعلامية وان من اطلق الصور هم اللاعبون أنفسهم وعبر حساباتهم بعد ان أطلقوا حملة «#فكر_فينا» لصالح الأيتام، وان كان هناك ٦ آلاف كافل للأيتام في الجمعية الا ان المساهم الأكبر في التبرعات هو الأمير نفسه ولرغبة منه قرر ألا يتم تسليط الضوء بأكبر مما شاهدت وهو الذي لو شاء بصفته ومنصبه لجعلها حديث الاعلام، ولكنه فضل التغطية على الحملة ذاتها لصالح الأيتام لا على زيارته ولا شخصه أو صفته».
[email protected]