ذعار الرشيدي
عودا إلى مقال الأمس الذي ذكرت فيه أن حكومتنا رفضت تنفيذ مشروع إصلاح البيئة الكويتية بتعويضات الأمم المتحدة المقررة بـ 5 مليارات دولار أميركي وذلك بعد أن وجدت اللجنة المكلفة بالمشروع أن الشركة التي رسا عليها العطاء لا تنطبق عليها المواصفات، وبدلا من أن تبحث اللجنة إحالة المشروع وترسيته إلى الشركة صاحبة العطاء الثاني إلا أنها أغلقت الموضوع وأحالته إلى مجلس الوزراء الذي حتى هذه اللحظة لم يحرك شيئا بخصوص هذا الملف ذي الحدين فمن جهة كان سيمكن الكويت من الحصول على المليارات الخمسة وثانيا سيمكنها من البدء بمشروع إصلاح بيئي حقيقي دمرته القوات العراقية.
ومع نشر المقال أمس وردني اتصال من أحد مصادري الذين كنت أعتقد أنه لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بهذا المشروع الحيوي وأبلغني بما لا يقال، وسأحاول أن أذكر ما يمكن أن يسمح بنشره قانون المطبوعات سيئ الذكر، فقد أبلغني المصدر أن المشروع كان قد تمت ترسيته فعلا على شركة أجنبية وبقيمة تتجاوز المليار دينار كويتي، ولكن وبعد بحث عرض الشركة وجد أن أحد أظرف العطاءات التي تقدمت بها تلك الشركة كان مفتوحا ما يعني مخالفة لقانون المناقصات واكتشاف علاقة بين تلك الشركة وأحد الأعضاء القائمين على المشروع من جهة الكويت.
الأدهى من هذا أن صاحب تلك الشركة التي رسا عليها العطاء كان مقربا من الطاغية المقبور صدام حسين «شوفوا الهنا اللي احنا فيه».
ورغم مرور عام ونصف العام على إلغاء المناقصة إلا أن كل طرف حكومي يلقيها على الآخر بحسب ما يذكر المصدر، فوزير النفط يقول ان الأمر متعلق بالهيئة العامة للبيئة والبيئة تقول ان الأمر في يد الهيئة العامة للاستثمار، والهيئة تقول ان الملف في مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء لم يبحث الأمر، رغم أن التحركات العراقية الحالية الرامية لإخراجه من البند السابع ستضيع على الكويت الاستفادة من مبلغ المليارات الخمسة في حال نجح العراق، وهي التعويضات المستحقة للكويت التي كان يمكن أن تصلح ما أفسده العراقيون في بيئتنا.
وأغرب ما رواه المصدر في لعبة «صيده ما صيده» التي تمارسها الجهات الحكومية في التعاطي مع هذا الملف الحيوي أن أحدا ما لا يعرف إلى اليوم أين ذهب الملف.
ودعوني أفسر لكم القصة بنظام «حچي الدواوين»، تخيلوا أن رجلا اتصلت به شركة تأمين وأبلغته أنه يستحق تعويضا قدره مليون دينار شريطة أن يحضر سيارته التي أتلفها الحادث الذي يستحق عنه التعويض ثم بدأ هذا الرجل في المماطلة في الذهاب فتارة يستشير زوجته وتارة ينتظر يتعذر بالطقس رغم علمه أنه وبتأخره سيضيع عليه مبلغ المليون دينار، فبماذا يمكن أن نصف هذا الرجل؟
أترك لكم حرية الإجابة فأي نعت أو صفة يمكن أن تصفوا بها هذا الرجل تنطبق تماما على حكومتنا، وعاشت حكومتنا وعاش المزاج العالي.