ذعار الرشيدي
أثناء بحثي أول من أمس عن اليورانيوم المنضب وحقيقة وجوده في الكويت متبعا أسلوب القراءة الفوضوية في أرشيف الصحف الأميركية وجدت خبرا صعقني في صحيفة أيدهو أوبزرفر الأميركية مفاده أن الجيش الأميركي قام بنقل 6700 طن من التربة الملوثة باليورانيوم المنضب من الكويت إلى ولاية أيدهو الأميركية لدفنها هناك.
وبدأت أبحث عما وراء الخبر لأجد خبرا آخر نشر في موقع مخرج الأفلام الوثائقية الأميركي إليكس جونز ونشر بتاريخ 11 يوليو وجاء فيه «إن الحكومة الكويتية ألحت على وزارة الدفاع الأميركية بضرورة نقل مخلفات التربة الملوثة باليورانيوم المنضب من معسكر الدوحة إلى خارج الكويت واستجابت الوزارة للطلب الكويتي وقامت بنقل الشحنة المقدرة بـ 6700 طن من التربة الملوثة من الدوحة إلى واشنطن ومن ثم نقلت بالقطار إلى ولاية أيدهو وتحديدا إلى مدينة بويس بواسطة شركة أميركان أيكولجي المتخصصة في نقل النفايات المشعة منذ العام 1952.
وتابعت البحث حتى وصلت إلى صحيفة بويس غارديان التي نقلت الخبر بتفصيل أدق عما عثرت عليه سابقا تحت عنوان «ايدهو تستورد المخلفات المشعة من الكويت» وجاء في عدد الصحيفة الصادر بتاريخ 1 مايو 2009.
لم أكتف بالقراءة بل قمت بالاتصال بصحيفة نيو ويست بويس والتي كانت قد أثارت الخبر في تحقيق موسع في عددها الصادر بتاريخ 30 أبريل الماضي واعتبرته كارثة بيئية، وحادثت مدير التحرير المسؤول في الصحيفة جونثان ويبر الذي أبلغني أن القصة بدأت بمصدرين من الجيش الأميركي أبلغا المحررة جيل كوراتيس التي قامت بكشف الموضوع عن سر الشحنة السامة القادمة من الكويت، ولولا هذا الكشف لما علم أحد بموضوع الشحنة المشبوهة، واتصلت بالمحررة كوراتيس التي أبلغتني أن الحادثة التي أدت إلى تلوث معسكر الدوحة الأميركي تعود إلى العام 1991 عندما شب حريق في مخزن للأسلحة الأميركية بعد حرب تحرير الكويت بأشهر قليلة، وبسببه تلوثت التربة المحيطة بالمعسكر، واكتشف الخبراء العسكريون مدى خطورة الأمر بعد ان بلغت مستويات الإشعاع حدا يتجاوز المسموح به، وعليه تقرر نقله إلى مدينة بويس في ولاية ايدهو بـ 306 كونتينرات عملاقة، ونقلت من ميناء الدوحة إلى ميناء لونغ فيو ومنها عبر 72 عربة قطار إلى مدينة بويس في ايدهو».
قراءتي اللامنهجية والفوضوية أوصلتني إلى 3 أخبار في 3 صحف أميركية لم أسمع بها سابقا، وكشفت معلومة مفادها أن الحكومات الكويتية المتعاقبة كذبت علينا ولأكثر من 18 عاما بشأن حقيقة وجود اليورانيوم المنضب في البلد منذ التحرير، ورمونا بالتصريحات المطمئنة و«إن ماكو شي وسهالات الدعوى»، في مدينة بويس الأميركية قامت الدنيا ولم تقعد لأن التربة الملوثة دخلت بلادهم منذ أقل من شهر، ونحن «شخري» من 18 سنة، والآن أما آن للحكومة أن تنفض غبار النوم عن عينيها الجميلتين المكحلتين بالنعاس، وتخبرنا عن حقيقة اليورانيوم المنضب في البلد وتأتي بخبراء حقيقيين ليقيموا الوضع البيئي، خاصة أن مقبرة الدبابات العراقية لا تبعد سوى 15 كيلومترا شمال الجهراء.
والأهم من هذا كله وذاك، ما اسم الشركة المحلية التي قامت بنقل التربة الملوثة وفي أي من شوارع الكويت مرت؟ ومن هم العمال الكويتيون وغير الكويتيين الذين تعاموا مع التربة الملوثة لنقلها من الدوحة؟ ومنذ متى والحكومة تخاطب وزارة الدفاع الأميركية لنقل التربة الملوثة؟ ومن كان يعلم بأمرها من القياديين؟
أسئلة بحاجة إلى شفافية حكومية فوق العادة لا تصريحات من ناطق رسمي كلما اتصلنا عليه نستفسر عن شيء رد علينا بجملته التي يكررها كأسطوانة «بشتختة» مكسورة مرددا «والله ما أدري ما قالوا لي».