ذعار الرشيدي
في مقالتين متتاليتين كتب الزميل العزيز ماضي الخميس منتقدا نوعية القراء الذين يعلقون على مقالات كتاب الصحف اليومية خاصة بعد نشرها في مواقع الكترونية وكيف ان أولئك القراء المعلقين يتخفون خلف أسماء مستعارة وكيف ان تعليقاتهم تتجاوز حدود النقد الى الإساءة الى كاتب المقالة، ووصف الخميس معلقي الانترنـت بأنهـم «خفافيش الظلام» وانهم مجموعة من العابثين.
وأختلف مع العزيز ماضي الخميس اختلافا كليا حول رفضه المطلق لآراء قراء الإنترنت سواء كتبوا بأسمائهم الصريحة أو تستروا خلف اسم مستعار، وذلك من منطلقين منطقيين أولا أنني أعتقد أن لكل شخص على وجه الأرض الحرية في التعبير عن رأيه حتى ولو كان رأيه يتعدى نقد فكرة المقالة إلى المساس بشخص كاتبها، ثانيا لقناعتي بأنه وكما أن من حقك ككاتب أن تطرح رأيك علانية وفي مساحة نشر رسمية في صحيفة يومية فمن حق قارئ الإنترنت أو المعلق في المواقع الإلكترونية أن يقول رأيه، وهو القارئ الذي ليس لديه نافذة سوى هذا المربع الصغير للتعليقات، ومن حقه أن يقول ما يشاء سواء أعجب تعليقه الكاتب أم لم يعجبه، وافق هواه أم لم يوافق، مدحا كان تعليقه أو ذما، تناول فكرة الكاتب بالنقد أو حتى تناول شخصه فهذا رأيه ولابد أن نستمع إليه حتى ولو كنت ككاتب تعتقد أنه خطأ.
الكاتب الصحافي وفي كل الحالات يملك الأفضلية في كون صحيفة يومية منحته زاوية يقول عبرها ما يشاء وفي أي يوم يشاء ويتناول أي شيء يشاء وينظر على خلق الله كيفما يشاء، ومن هنا فلا يجوز لأي كاتب أن يستكثر على قارئ إنترنت عابر أن يلقي برأيه فيه وبمقالته بتعليق لا يتجاوز الـ 50 كلمة وأيا كان تعليقه ومهما كان رده قاسيا. يقول الإمام الشافعي «من كتب فقد استهدف» فمتى ما أطلقت مقالتك ككاتب ووقعتها باسمك فاعلم أنك وضعت نفسك هدفا لكل الآراء وكل عين وقعت على مقالتك فمن حق صاحبها التعقيب والتعليق ونقدك، وكما أنه من حقك أن تطرح نفسك كاتبا فمن حق أي شخص أيا كان عمره أو توجهه أو مذهبه رأى في مقالتك أنها تمسه من قريب أو من بعيد أن يرد ويعلق عليك بالطريقة التي يراها مناسبة، فأنت لم تستشره في كتابة مقالته ولم تراع رأيه أو حتى تستطلعه، وعليه فليس من حق أحد أن يحجر على قراء الإنترنت تعليقاتهم حتى وإن كتبوا تحت أسماء مستعارة وقاموا بشتم الكاتب (رغم أنني أعلم يقينا أن الأمر لا يصل إلى حد الشتم كون كثير من المواقع تراعي هذا الأمر وتقوم بتنقيحه)، فالمهم هنا هو أنه قال رأيه بك أو بكتابتك وأما مسألة أن رأيه أعجبك أم لم يعجبك فهذا موضوع آخر.
ونحن ككتاب صحافيين دائما ما ندعو إلى حرية التعبير، وما ردود وتعليقات قراء الإنترنت التي يرفضها الزميل ماضي الخميس إلا جزءا من حرية التعبير التي ندعو لها، أم ان حرية التعبير تعني الكتاب فقط ولا تعني الآخرين من القراء المعلقين، بل أرى أنها تعني الجميع وتشملهم كلهم وأولهم قراء الإنترنت الذين لا يجدون نوافذ يتنفسون خلالها سوى الإنترنت. واستغربت أن كاتبا قام بمقاضاة موقع «الآن» الإخباري قبل أشهر لأن التعليقات تلت نشر الموقع لمقالته وجد بها سبا وقذفا، ولم يكن حريا بالكاتب «الداعي إلى الحرية» أن يحاول الحجر على الآخرين آراءهم عبر استخدام تكييف تهمة السب والقذف، ومع احترامي له ولرؤيته ولكيفية تعاطيه مع ما تعرض له من هجوم بعض القراء إلا أن أولئك القراء لم يفعلوا شيئا سوى أن عبروا عن رأيهم بمقالته كل على طريقته.
في النهاية الكتاب يفترض أن يكونوا أصحاب فكر، وحملة رسالة، ودعاة حرية، وأن تتسع صدروهم للجميع، لا أن تضيق بتعليقين أو ثلاثة لم يكن هدف أصحابها معهما بلغت قساوة تعليقهم سوى أن يقولوا رأيهم في مقالة شخص تطرق لأمر رأوا أنه يمسهم.