ذعار الرشيدي
لا يوجد أخطر من أن يسند الأمر إلى غير أهله، أو أن يوضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب، وخلال التدوير الأخير في وزارة الداخلية حصلت كارثة حقيقية في نقل رجل متخصص في مجال نادر إلى إدارة يمكن أن يقوم حارس أسواق بإدارتها حتى وإن لم يفقه ألف باء الإدارة!
العقيد محمد الخالدي لا أعرفه ولم ألتق به مرة في حياتي، يحمل شهادة في القانون ومتخصص في قانون المرور تحديدا، بعد أن وجد أن الأمور في الوزارة لم تعد تحتمل إداريا قدم طلبا للتقاعد ولكن المسؤولين ولحاجتهم لخبرته بل ولمعرفتهم بإمكانياته النادرة طلبوا منه التريث في تقديم استقالته، وحبا في العمل وخدمة الوطن تخلى الرجل عن فكرة التقاعد ليفاجأ في التدوير الأخير بأنه عين مديرا لمصنع اللوحات المعدنية، ولمن لا يعرف هذا المصنع فهو عبارة عن غرفة ونصف ملحقة بإدارة مرور العاصمة، رجل بخبرة قانونية نادرة وفي مجال المخالفات المرورية وقانون المرور من ألفه إلى يائه مرورا بكل دهاليزه يلقى في مصنع يمكن أن يديره بنغالي، فلا هم منحوه التقاعد الذي تقدم به ولا هم منحوه المنصب الذي يستحقه، ورغم تجميدهم له بهذه الطريقة «البايخة» لايزالون وكلما استعصى عليهم أمر يتصلون به ويطلبون مشورته.
الرجل ليس «سوبرمان» في مجاله ولكنه الوحيد المتخصص، خاصة انه لسنوات طويلة كان مساعد مدير إدارة التحقيقات، ولأنه لم يدخل تحالفا ولم ينتم إلى معسكر من المعسكرات التي تتسع رقعها طبقا لاتساع الرضا من كل وزير داخلية جديد يتسلم الوزارة بتركاتها الثقيلة الرتب.
وزير الداخلية الفريق الركن م.الشيخ جابر الخالد، أعلم يقينا ومن خلال تعاملاتي الشخصية معه أنه رجل منصف ولا يرتضي بالظلم أو الغبن، وأعلم أن وكيل الوزارة الفريق أحمد الرجيب شخص عاقل إداريا وعسكريا ويعرف كيف يجب أن تدار الأمور، ولكن العقيد الخالدي كما يعرفه زملاؤه لا هو بـ «شكاي» ولا هو ممن يسيرون في ظل «بشوت» النواب في دهاليز الوزارات بحثا عن منصب لا يستحقونه.
عدم معرفتي بالعقيد الخالدي لا يعني أنني لا أعرف عنه وعن عمله الشيء الكثير بصفتي صحافيا ولي مصادري وأعرف كيف تدار كثير من قطاعات وزارة الداخلية وأعلم أنه واحد من المتخصصين في مجاله والذي ظلم يوم أن نقل إلى مصنع اللوحات المعدنية وأعلم يقينا أن «ابو نواف» لن يرضى أن تخسر الوزارة عقلية كالخالدي في تدوير شابته بعض المزاجية وبعض تدخلات البشوت.
ولم أكتب مقالتي إلا بعد أن علمت أن قطاع المرور خسر متخصصا في القانون ليوضع في مصنع لوحات الغرفة ونصف الغرفة.
[email protected]