ذعار الرشيدي
«اليورانيــــوم المنضـــب لايــــزال موجودا في الكويت ولم ينقل منه جرام واحد»، هذه الحقيقة التي قضيت 32 يوما أبحث وراءها بعد أن أعلن في الصحف الأميركية خلال شهر يونيو الماضي عن نقل 6700 طن من التربة الملوثة باليورانيوم من الكويت إلى أميركا، وكنت قد كتبت قبل شهر عن أن الصحف الأميركية تناقلت خبر تصدير الكويت لليورانيوم إلى الولايات المتحدة الأميركية، وبعد نشري لمقالتي بيوم أرسل لي المنسق العام لجماعة الخط الأخضر الكويتية الزميل خالد الهاجري رسالة طويلة يبلغني فيها أنهم كانوا قد أثاروا الموضوع قبل عام في مقابلات لهم في قناتي «الوطن» و«الراي» وأحسست من خلال مقالته أنني «مصيف» والناس «مشتيين»، غير أنني لم أكن أبدا «مصيف» ولم أكن كذلك يوما، فقد عرضت ما عرضته خلال مقالتين متتاليتين أملا في أن أجد ردا من أي جهة حكومية على ما أثارته الصحف الأميركية عن حقيقة تصدير الكويت لـ 6700 طن من التربة الملوثة من ميناء الدوحة إلى ولاية آيداهو الأميركية، ولكن وكعادة وزارة الدفاع المسؤولة الأولى والأخيرة عن مثل هذا النقل لم يأت رد ولم يكلف أحد نفسه عناء الرد ولو حتى برسالة فاكس من سطرين، لذا أخذت على عاتقي البحث عن هذا الموضوع لأجد أن اليورانيوم المنضب لم ينقل من الكويت وأن كل ما نقل بحسب ما أثبتت تقارير التحاليل الأميركية هو مجرد «تربة رملية» ملوثة بنسبة بسيطة ولا تكاد تذكر من الإشعاع الذي يدخل ضمن دائرة الأمان وليس دائرة الخطر.
طوال 32 يوما بحثت وراء الصفقة والشركة الأميركية التي قامت عليها، والعقدين اللذين تمت بموجبهما الصفقة التي أبرمتها وزارة الدفاع الأميركية مع مقاول أميركي لأجد بما لا يدع مجالا للشك أنه لم ينقل جرام واحد من حديد قذائف اليورانيوم المنضب التي احترقت وتفجرت نتيجة احتراق مخزن ذخيرة تابع للجيش الأميركي عام 1991.
وصلت في رحلة بحثي إلى شركة أميركان إيكولوجي التي قامت بدفن التربة الملوثة باليورانيوم المنضب في مدينة بويس بولاية أيداهو الأميركية ووجدت أن كل التقارير المعملية عن الشحنة تثبت أنها مجرد «تربة رملية» تحوي نسبة ضئيلة من الإشعاع غير المؤذي.
فلماذا نقلت هذه الأطنان من التربة إذن؟ ولماذا دفعت وزارة الدفاع الكويتية قيمة صفقة يفترض أن تتم عبر الجيش الأميركي كونه صاحب المشكلة أصلا والذي يمتلك مشروعا أطلق تحت اسم «مشروع الكويت» منذ العام 2003 يقوم بموجبه الجيش الأميركي بدفع الملايين لشركات مقاولات أميركية متخصصة من أجل تنظيف ونقل أي مواد ملوثة باليورانيوم يخلفها الجيش الأميركي وعلى ميزانية وزارة الدفاع الأميركية ولا يفترض أن تتحمل وزارة الدفاع الكويتية «سنتا» واحدا.
ما اكتشفته خلال رحلة ناهزت الشهر من أوراق ووثائق كويتية وأميركية لا يمكن أن تكفيه مقالة واحدة وبحاجة إلى إعادة تجميع، خاصة أن كل عقد من العقدين اللذين منحتهما وزارة الدفاع الكويتية للمقاول الأميركي الذي قام بتنفيذ نقل التربة «الملوثة باليورانيوم» وراءه قصة «أبلى» من الأولى.
رمضان كريم وكل جرام يورانيوم منضب وأنتم بخير.
[email protected]