ماذا لو نجح الانقلاب في تركيا؟! هذا هو السؤال الحيوي الذي يدور في بال الجميع، نعم، ماذا لو نجح الانقلاب وتمكن العسكر من الإطاحة بأردوغان وحكومته؟!
في الحقيقة ان الإجابة عن هذا السؤال الافتراضي تتطلب رؤية متابعة لتداعيات سقوط أحجار الدومينو في المشهد السياسي ككل على المنطقة بأسرها في حال نجح الانقلاب الذي انطلق وانتهى في غضون أقل من 3 ساعات.
ولكن لنختصر القصة، ان فشل الانقلاب يعني ان الديموقراطية في بلد العثمانيين بخير، ويعني ان تركيا أعطت درسا للجميع بان الديموقراطية الحقيقية هي الخيار الأضمن والأنجع لحماية اي بلد، فالشعب التركي بكل أطيافه المؤيد والمعارض لسياسة حكومة اردوغان انتصر في وقوفه ضد الانقلاب على الديموقراطية والحرية والعمل السياسي الحقيقي وفق القنوات الدستورية.
ولو سقطت تركيا التي نعرفها اليوم، لما توقفت أحجار الدومينو، ولسقطت بعدها دول اخرى وانهارت بل وتحطمت نهائيا، ولا بد لنا ككويتيين بالدرجة الاولى وخليجيين عامة ان نحمد الله ان الانقلاب فشل، وان الربيع التركي اخمد في ساعاته الاولى، والا كانت أمواجه وتأثيراته ستصلنا وتمتد إلينا من حيث لا نرغب ولا نريد او نشتهي.
إن سقوط العملاق الديموقراطي التركي هو سقوط للكينونة السياسية التي نعيشها اليوم في الخليج العربي وعدد من البلدان العربية التي كانت ولم تزل في منأى عن رياح الربيع العربي،
لو سقط العملاق الديموقراطي التركي لكرت السبحة ووصلت لنا تأثيرات ذلك السقوط ولو بشكل غير مباشر.
تركيا تجاوزت أحداث يوم الجمعة، ومعه تجاوزت الدول العربية «السنية» الأزمة التي كانت ستحدث من تداعيات تسونامي الانقلاب العسكري في تركيا الذي تمكن الشعب التركي من وقفه تماما والحد منه بل وإخماده في مهده قبل ان يشب ويكبر ويتمدد وينشر تأثيره الى كل دول المنطقة.
البعض وخاصة الخليجيين هلل وبارك الانقلاب نكاية في أردوغان وحكومته، والحقيقة ان نجاح ذلك الانقلاب يعني ان تأثيراته كانت ستصل إلينا بشكل أو بآخر وتتسبب بهزات سياسية نحن في غنى عنها وعن تأثيراتها، والحمد لله ان الانقلاب فشل وسقط سقوطا ذريعا، الأهم ان سبب سقوطه وفشله كان بيد الشعب التركي وليس بيد الحكومة التركية، لذا كان سقوطه درسا ساميا لكل من يكفر بالديموقراطية او إرادة الشعوب.
اختصارا، سقوط الانقلاب هو بقاء واستقرار طويل الامد بالنسبة لدول المنطقة التي لم تتأثر بعد برياح الربيع العربي، ورغم اختلافنا مع السياسة التركية في المنطقة الا ان فشل الانقلاب العسكري، يعطي روحا لبقاء روح الأمن والاستقرار في المنطقة لسنوات أطول.
أما لو نجح الانقلاب، وسيطر العسكر وسقطت حكومة اردوغان، فان هذا يعني هزة أرضية سياسية ستصل ارتداداتها لكل الدول العربية السنية دون استثناء بدرجات متفاوتة وبشكل يصبح المشهد السياسي معها وفي كل منها أكثر تعقيدا.
لست هنا في معرض الدفاع عن أردوغان وحكومته ضد الانقلابيين العسكر، قدر ما انا في معرض توضيح ان فشل الانقلاب هو نجاح للدول العربية ككل.
بقاء تركيا بشكلها ونظامها الحالي الذي نعرفه ويؤمن به الشعب التركي هو صمام أمان لدول المنطقة ولو بشكل غير مباشر.
توضيح الواضح: تركيا اليوم هي حجر الاتزان السياسي في المنطقة العربية بل وحجر أمان المنطقة وهذا يجب ان نعيه جيدا قبل ان نتخذ اي موقف مما يحصل في الشقيقة «السنية» تركيا.
[email protected]