ذعار الرشيدي
اسم وربة في الكويت تحمله ثلاثة أشياء، حلوى معروفة وجزيرة وبنك، ذلك البنك الإسلامي الذي سيتم تأسيسه ويساهم فيه 100% من الكويتيين، حيث يكون نصيب الفرد من المساهمة 70 دينارا، وهو مبلغ بالكاد يكفي لشراء دشداشتين «يابانيتين» و2 كيلو «وربة».
70 دينارا لن تفقر ميزانية الحكومة المصابة بـ «الفيضان المالي» ولن تغني المتعثرين ولا غير المتعثرين من المواطنين البسطاء، ولكنها ستزيد من انتفاخ جيوب الهــــوامير أكثر مما هي منتفخة، فما سيحصل هو التالي، ستمتلك الهيئة العامة للاستثمار 24% من أسهم البنك وستتم توزيع نسبة الـ 67% المتبقية على المواطنين بالتساوي بمعدل 700 سهم لكل مواطن حي حتى لحظة إصدار القانون «يعني الــــلي انـــــولد بعده بدقيقتين ماله شيء»، المهم أن المواطــــنين جميعهم سيحصلون على اسهمهم عن طــــريق الاكتتاب المجاني، ولن يمضي عام أو ربـــــما أقل حتى نجد إعلانات «نشتري شهادات أســـــهم بنك وربة» وســــتملأ الشوارع وممــــرات ســــوق الجت والصــــرافيـــن وبعض الصـــحف الإعلانية، ولن يمضي 3 اشهر حتى يجمع الهوامير نسبا كبيرة من اسهم البنك الذي لم يولد بعد إلا ورقيا بعد أن يقوم اعداد كبيرة من المواطنين بتسييل أسهمهم ماليا في سبيل الحصول على مبلغ 70 إلى 700 دينار «حسب عدد أفراد عائلته وحسب سعر السهم يومها»، وبالتالي تتحول ملكية البنك الشعبي إلى ملكية 10 «أنفار» على أكثر تقدير وهكذا تم إنشاء بنك بطلب شعبي ومن أموال الشعب ليتحول إلى ملكية «جم نفر».
هذا هو ما سيحصل ولن يحصل غير ذلك.
أعلم جيدا أن الحكومة تعي هذا جيدا، وتعي كثيرا من الأمور الأخرى ولكنها «مطنشة» بمزاجها وأحيانا «غصبن عنها»، وأعرف ان الحكومة «المغصوبة على أمرها» تعلم أنه ما من سبيل ولا قانون يمكن أن يقر يمنع بموجبه الأفراد من حق التصرف بأسهمهم التي سيحصلون عليها كمنحة مجانية من بنك «وربة»، ومتأكد أن 90% من المواطنين سيبيعون أسهمهم تحت توطأة الحاجة بحجة تسييل عيدية الحكومة.
جاء القانون إنشاء البنك برغبة نبيلة ولا شك سواء من النواب أو من الحكومة ولكن واقع الحال يقول إن الأمر سيتحول لاحقا إلى سباق استحواذ على الأسهم يقوده شريطية ودلالو سوق الجت لينتهي حلم البنك الشعبي إلى بنك اسلامي عادي بعد أن كان المواطنون يمتلكون النسبة الأكبر من نسبته سيتحولون لاحقا إلى أسرى له ولقروضه ومرابحاته وبطاقاته الائتمانية، مفارقة مضحكة ولكن هذا ما سيحصل.
الحكومة واعية لما فعلته والتجار واعون لما حصل والدلالون ينتظرون ساعة الصفر ليلصقوا إعلانات طلبات الشراء لعيون الهوامير، ووحده المواطن البسيط هو الذي سيكون «لاهي» بـ 70 دينارا لا تشتري له سوى دشداشتين و2 كيلو وربة، وصحتين على قلب الوطن!
[email protected]