إن لم يكن الخطاب الأخير لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي ضد المملكة العربية السعودية يعد تدخلا صريحا في الشؤون الداخلية لبلد آخر، فلا أعرف ما هو التدخل في شؤون الدول الأخرى، فخطابه السياسي الموجه ضد المملكة العربية السعودية لا يعد تدخلا فقط بل هو تحريض واضح وصريح ودعوة سياسية غير مبررة، بل وغير لائقة أيضا.
خطاب خامنئي هو استكمال آخر لسلسلة خطابات النظام الإيراني المعادية لدول الخليج، ولم يكن الأول ولن يكون الأخير حتما، خاصة أن النظام الإيراني استمرأ التدخل في شؤون الدول العربية والخليجية تحديدا رغم إنكار مسؤوليه هذا الأمر، إلا أن الحقيقة الملموسة والواضحة أن النظام الحاكم في إيران يتدخل في شؤون الدول الخليجية بمناسبة ومن غير مناسبة، ففي مملكة البحرين لا يمكن إنكار حجم التدخل الإيراني ولا خطورته، في الكويت أيضا، وإن على استحياء، استخباراتي تارة وعلى عمل مكشوف تارة أخرى عبر تصريح واضح وجلي يهاجم الكويت كدولة فقط لأن صاحب السمو الأمير طالب الحكومة الإيرانية بالتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، بتصريحات إيرانية أقل ما يمكن أن توصف به بأنها غير مسؤولة.
المرشد الأعلى للثورة الإيرانية خامنئي في خطابه الأخير يطالب بتدويل إدارة الحج وألا يكون تحت سلطة وإدارة حكومة المملكة العربية السعودية، حسنا، لنقبل بهذا ولكن هل سيقبل الإمام المرشد بأن يتم تدويل مزار الإمام الرضا في مشهد والذي يؤمه سنويا 30 مليون شخص؟ أم أن مشكلته فقط في الحرمين الشريفين لأنهما جغرافيا يقعان في المملكة العربية السعودية؟
حسنا، لم لا نقوم بتدويل إدارة مزارات كربلاء المقدسة مثلا والتي تسيطر عليها منذ سنوات شركات سياحية إيرانية؟ بل لم لا نترك الأماكن المقدسة الإسلامية ونشرع في تمديد الدعوة لتدويل كل الأماكن التي تعتبر مقدسة في أعين أتباع الديانات المختلفة كنهر غانج في الهند والفاتيكان في روما؟ هنا سيتوقف بنا المنطق ويقول ان هذا من تاسع بل عاشر المستحيلات منطقا وعرفا ودوليا أيضا أن يحدث هذا.
ولكن ألا تعني دعوة المرشد لقبول التدويل لأماكن مقدسة وبطريقة غير مباشرة القبول بتدويل مدينة القدس والمسجد الأقصى الذي طالما طالب به الصهاينة ولسنوات حيث يدعون الى أن يتم تدويلها؟! عامة، دعوة المرشد خامنئي ما هي سوى جزء من الحرب السياسية الإيرانية ضد الدول العربية وليست دعوة دينية على الاطلاق، ونربأ به أن تكون كذلك، فهي ليست أكثر من مجرد خطاب سياسي والهدف الواضح منه التدخل في شؤون الدول الخليجية وهو ما نرفضه سرا وعلانية، كما أن هذه الدعوة يرفضها المنطق والواقع الجغرافي للدول، إذ لا يمكن تدويل موقع مقدس ما لمجرد أن دولة هنا أو هناك اعترضت على إدارة الدولة التي يقع فيها له أو لزواره.
الأهم في الأمر أن الحكومات المتعاقبة في المملكة العربية السعودية ومنذ بدء انطلاقة العصر الحديث للدول الحالية بما فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهي تؤدي دورا رائدا في إدارة أهم موقع مقدس في العالم وأعني الحرمين الشريفين سواء في موسم الحج أو في غيره، وأثبتت الحكومات السعودية على مدار أكثر من 6 عقود نجاحا عبقريا لا يضاهى في إدارة الحرمين، وهو الأمر الذي يتطور عاما بعد عام، وآخرها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
توضيح الواضح: نبارك لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز نجاح إدارة الحج لهذا العام بكفاءة واقتدار، وأعتقد أن هذا النجاح قد لا يعجب أباطرة النظام الذي يقع على الضفة الأخرى من الخليج العربي.
[email protected]