إذا ما أردت أن تنظر نظرة منصفة إلى ما يسمى بتنظيم داعش، وقبله «القاعدة»، فاسأل نفسك لمَ لمْ يقم أي من التنظيمين المسلحين المتطرفين بأي عملية من أي نوع وعلى أي مستوى في إسرائيل؟! والسؤال الأهم لمَ لمْ يقم أي من التنظيمين منذ نشأتهما بإدراج الجهاد في الأراضي الفلسطينية المحتلة على أجندتيهما؟! بل إن أيا منهما لم يكن من ضمن ثقافة مقاتليه المعلنة الهجوم على إسرائيل، رغم أنه من يستطيع اختراق دول قائمة والقيام بعمليات إرهاب فيها هو قادر بذات الدرجة والقوة على أن يتغلغل في إسرائيل بل إلى العمق الإسرائيلي، ولكن هذا لم يحدث أبدا، وكانت أهداف التنظيمين وعملياتهما كلها خارج إسرائيل وبعيدا عنها.
لنترك «القاعدة» جانبا، ولنبدأ بالبحث وراء تنظيم داعش الذي لا يوجد بين خطابات زعمائه أو منظريه أو فقهائه ما يدعو ولو بشكل غير مباشر للقيام بعملية في إسرائيل، أو إعلان الجهاد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبدلا من هذا يقوم بعملياته في بلدان عربية إسلامية.
نعود إلى «القاعدة» ونشأته الأولى، ومنظره الأساسي كان الشيخ عبدالله عزام- رحمه الله- وخطاباته، فهو ورغم أنه فلسطيني الأصل ولم يخرج من فلسطين إلا أوائل السبعينيات إلا أن دعوته في الجهاد وإعلان نفير الجهاد كانت في أفغانستان في الثمانينيات، ولم يصدر عنه إعلان للجهاد لا نفير ولا غيره في الأراضي المحتلة الفلسطينية طوال فترة الثمانينيات خلال تنامي حركة المجاهدين العرب لمواجهة السوفييت في أفغانستان، وعندما أعلن عزام في أواخر أيامه بعد جلاء القوات السوفييتية من أفغانستان نيته توجيه المجاهدين العرب إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة تم اغتياله بلغم، ليستمر «القاعدة» بعد اغتياله يرى أن العدو ليس إسرائيل بل الولايات المتحدة الأميركية والدول العربية، وكان بعدها ما كان.
«داعش» كتنظيم يعيد ذات سيرة «القاعدة»، مستعد لإعلان القتال في أي مكان للصراع المسلح في العراق أو سورية وحتى الصومال أو مالي، ولكن إسرائيل كانت دائما خارج خارطة أهدافهم!
هنا لا أقول ولو تلميحا إن هناك ارتباطا بين «داعش» وإسرائيل فمن الغباء القول بذلك دون دليل أو حتى قرينة ثابتة، ولكن لنعد شريط الأحداث مرة أخرى، بسؤال لمَ لم تقم أي من التنظيمات الإرهابية العربية المنشأ بعملية واحدة في تل أبيب؟!
سؤال يجر آخر، وسؤال يفتح خزانة من الأسئلة، ولو أردنا فتح باب الأسئلة لما أسعفتنا عشرات الكتب لنطرح فيها تساؤلات مشروعة.
لنعد إلى الكويت ولنر من كان ينظر لـ «داعش»، أعتقد أن الصورة ستكون أكثر قربا للفهم إذا ما عرفنا أسماءهم ودعواتهم فهم ذاتهم من كان يدعم «القاعدة»، ثم يختفون أو تختفي تصريحاتهم ويعودون للوسطية كلما تكشف أمر خطورة الأمر الذي يدعون إليه، بعضهم أخذته الحماسة وبعضهم العاطفة وبعضهم كان يعي ويدرك تماما ماذا كان يفعل.
٭ توضيح الواضح: كل حركة مسلحة متطرفة من أي مذهب إسلامي بغض النظر عن توجهاتها إذا كانت لا ترى في الجهاد أمرا موجبا مستحقا في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتراه في سورية أو العراق فهي حركات سياسية ولا علاقة لها بالدين لا من قريب ولا من بعيد وإن ادعت ذلك، وهذا الحكم يشمل كل المذاهب.
٭ توضيح الأوضح: هنا أتكلم من واقع عقائدي بحت.
[email protected]