قانون حرمان ترشح المسيء وفق حسابات المنطق يعتبر قانونا مضافا لعقوبات موجودة أصلا في قانون الجزاء، وإن كان يبدو مثالياً في شكله الذي يهدف الى إيصال المواطن الصالح المثالي الى المجلس ليمثل الأمة، على الرغم من أن هناك شِقاً مكملاً له في قانون الانتخاب الأصلي يفرض ان يكون المرشح محمود السيرة والسلوك، وألا يكون قد حُكم عليه في قضية مُخلّة بالشرف.
ولكن بعض القضايا التي ضمن قانون حرمان ترشح المسيء تدخل بعموميتها في قضايا الرأي والاعتقاد وأحيانا الرأي السياسي المطلق، وعامة تلك القضايا يُحكم بموجبها على المتهم فيها بالسجن وفق قانون الجزاء، وبمحاكمته وسجنه وانتهاء عقوبته يكون قد قضى ما عليه من دين تجاه المجتمع، ولكن ان تقوم بحظره وفق قانون آخر فهنا كأنك تقوم بمعاقبته مرة أخرى بعقوبة سبق ان أدين بها ونزل حكمه وفقها، فأنت عاقبته للمرة الاولى بسبب ارتكابه لجرم حسب القانون، وهذا واضح وصريح ولا جدال حوله، ولكن أن تعاقبه مرة أخرى «دون حكم قضائي صريح» بحرمانه من الترشح وفق قانون آخر مختلف، فاعتقد ان هناك تداخلا غير مترابط بين قانونين منفصلين ومختلفين، وأعتقد ان الخبراء الدستوريين لا بد ان تكون لهم كلمة تفصيلية هنا، فكيف يصدر على شخص حكم وفق نص مادة في قانون الجزاء وينتهي حكمه ويقضي مدته ثم ينال عقوبة اخرى مرتبطة بقانون آخر وهي حرمانه من حقه في الترشح أو الانتخاب؟
لنفرض ان الرجل المحكوم عليه في تلك القضايا المذكورة من قضايا الحرمان من الترشح قد تاب أو تراجع عن آرائه أو معتقداته أو «انعدل حاله» فهل نغلق باب التوبة في وجهه، وهل يجوز لنا أن نحرمه من حقه في الترشح طوال عمره؟!
هذه مجموعة تساؤلات مطروحة ومشروعة.وعامة قانون حرمان المسيء أقره مجلس الأمة الذي خرج من رحم الشعب، حتى ولو كان خروج المجلس بنظرنا قد جاء بعملية قيصرية او تلقيح صناعي، ولكنه في النهاية ابن الشعب وبُنُوته مثبتة لا يمكن لأحد ان يشكك فيها، فهذا المجلس يمثلنا حتى ان لم يعجبنا أداءه، والأمل أن يأتي المجلس المقبل ويقوم بتحريك تلك التغييرات في بعض من تلك القوانين التي أقرها المجلس الحالي، ليس فقط مواد في قانون حرمان المسيء بل قوانين أخرى تجب مراجعتها.
***
مهم جدا ان نعرف أن عمل النشاط السياسي المعارض ضمن الأطر الدستورية والقانونية الحالية هو اسلم الطرق وأكثرها تأثيرا إذا ما أردنا تغييرا حقيقيا مبنيا على قاعدة قانونية صريحة.
والخروج عن القانون القائم لإبداء وجهة نظر سياسية ما؛ لا مبرر له، إلا إذا كنت تريد ان تصدر نفسك كشهيد رأي أو ذبيح قضية.
***
لا ألوم أي مشكك لأي رواية توردها الحكومة تجاه أي قضية، فالتجارب السابقة الحكومية مع التعاطي مع بعض القضايا لم تكن موفقة، فقد قامت بنفي ما ثبت صحته سابقاً، وأكدت ما تبين عدم صحته من قبل، فلا تلوموا الناس لعدم ثقتهم بكم.
شيء من الشفافية يا حكومة لا يضركم، والكثير من الشفافية أفضل لكم وللبلد كله.
فلا يعقل أننا نعيش عصر الفضاء الافتراضي المفتوح وأنتم تتعاملون وفق قواعد اللعبة الإعلامية في الستينيات.
***
لا نريد أن تعينوا وزيراً شاباً حديث التخرج، ولكن على الأقل عينوا مستشارين كويتيين شباباً، فالمرحلة المقبلة شبابية الطابع والهوية والفكر والتطلعات، المرحلة المقبلة شبابية ١٠٠% وبمستشاريكم الحاليين أنتم كمن يعالج «حب الشباب» بـ «دهان أبو فاس».
[email protected]