الذي كان يحلل ويتناول الانتخابات الرئاسية الأميركية في البلدان العربية وينتقد ترامب و«يركي عليه النار» بالنقد والتحذير منه، يشبه تماما مذيع محطة محلية أميركية في قرية صغيرة تقع في الغرب المتوسط الأميركي ويتناول بالتحليل انتخابات الدائرة الخامسة لدينا، لا «مستمعي» إذاعته البالغ عددهم 100 نسمة فهموا شيئاً مما يحلل ويقول، ولا نحن «درينا» عنه ولا عن تحليلاته.
ترامب أصبح أمرا عالميا واقعا، ومن يقول ان نار ترامب ولا جنة هيلاري هو شخص لا يعي حقيقة ان السياسة العامة الأميركية لا تتغير تغيرا جذريا بتغير الرؤساء أو تغير الحزب الحاكم، تهدأ قليلا او تزيد حدة الاتجاه الذي تذهب إليه لا أكثر ولا أقل، فالولايات المتحدة بلد تديره مؤسسات محكومة بقوانين محمية ونافذة، وليست بلد رموز يتغير بتغير الأشخاص، ربما تميل بوصلتها السياسية قليلا عن الاتجاه الذي كانت ترسمه الإدارة السابقة ولكنه تغير ضئيل، وستبقى الأمور على ما هي عليه خاصة في السياسة العامة الخارجية.
من يقول ان ترامب سيكون آخر رؤساء أميركا هو شخص تأثر بالدعاية الديموقراطية الانتخابية المضادة لترامب كجمهوري، لن يتغير شيء جذري في السياسة الأميركية وحتما ترامب لن يكون آخر رؤساء أميركا، بل سيليه 20 آخرون وستستمر أميركا وستجدد شبابها كل عام على حساب مناطق الصراع في العالم.
أما الفيديوهات المنتشرة التي يظهر فيها ترامب ويتحدث كيف ان الكويتيين يحجزون فندقا كاملا عندما يحطون رحالهم في لندن، وأنهم يعيشون كالملوك ربما كان جزءا مما يقوله عنا او سمعه عنا واقعيا قبل وثيقة الإصلاح الحكومية ورفع الدعوم، أما اليوم فتغيرنا وحتما تغير الأخ الأكبر ترامب.
من يعتقد ان فوز ترامب مفاجأة ربما لا يعلم ان الرئيس الأربعين رونالد ريغان بطل الحرب الباردة والذي استمر رئيسا لولايتين متتاليتين كان مجرد ممثل عادي قبل ان يطلِّق التمثيل ويخوض غمار السياسة ليصبح الحاكم رقم 33 لولاية كاليفورنيا، وبعدها خاض السباق الرئاسي عن الحزب الجمهوري لينجح وكان منافسه يومها الرئيس الأميركي جيمي كارتر.
ففوز ترامب شبيه بفوز ريغان، واعتقد انه وكما تحول الممثل الأقل من عادي ريغان الى اهم رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، فترامب سيتحول الى صورة قريبة منه خاصة ان الأحداث العالمية الحالية والمقبلة استثنائية ويمكن ان تجعل ترامب بطلا أميركيا آخر كما خلقت حقبة الحرب الباردة ريغان بطلا أميركيا من نوع خاص.
حديثي هنا يشبه حديث مذيع المحطة في تلك القرية الأميركية النائية عن تحليل انتخابات الدائرة الخامسة لدينا.
[email protected]