لمن لا يقرأ التاريخ، كل الصراعات العالمية والتغييرات الجذرية في بعض عواصم الدول الكبرى، خاصة في واشنطن وموسكو، كانت تصحبها موجة شائعات عن قرب نهاية العالم.
دونالد ترامب واختياره رئيسا لأميركا، كان حدثا عالميا مفاجئا، أوجد أرضا خصبة لشائعات نهاية العالم، خاصة في ظل اتهامات الديموقراطيين له بأنه ليس أهلا لحفظ مفاتيح الترسانة النووية الأميركية، وأنه يمكن أن يشعل حربا كونية بلا سبب.
حدث تولي ترامب للرئاسة لم يكن الحدث العالمي الذي راجت فيه بضاعة شائعات قرب اندلاع الحرب العالمية الثالثة، ومعها اقتراب نهاية العالم.
قلت لمن لا يقرأ التاريخ، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ودخول أميركا في حرب الكوريتين وبعدها الحرب الفيتنامية وأبرز الأحداث كانت أزمة صواريخ خليج الخنازير في كوبا، وكلها كانت خلالها حكايات نهاية العالم تجوب الأرض حتى إن تجارة بناء الملاجئ النووية راجت في الولايات المتحدة الأميركية، وظهرت مجلات متخصصة في بناء الملاجئ النووية وتعليم مهارات البقاء بعد الشتاء النووي، بل إن بلدا كالاتحاد السويسري أصدر قانونا فيدراليا في العام 1960 يجبر المقاولين على ان يتم إلحاق المباني الكبرى بملجأ نووي لحماية السكان، شريطة ان يكون قادرا على تحمل قنبلة بقوة 12 ميغا طن، وهي القوة التفجيرية الاعتيادية للقنبلة النووية التقليدية، وعرف القانون باسم القانون الفيدرالي لحماية السكان المدنيين، ولايزال قائما حتى اليوم.
****
طوال فترة الحرب الباردة كانت حكاية نهاية العالم حاضرة، واحتمال قيام أي من القوتين العظميين بمهاجمة بعضهما بواسطة الأسلحة النووية كان قائما، والحديث عن نهاية العالم كان يبرز إعلاميا كلما اشتد التوتر السياسي بين القطبين العالميين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
****
ككويتيين، لا أعتقد انه يجب أن ننسى أن حرب تحرير بلدنا في العام 1991 كان الحديث عالميا على أشده من ان تلك الحرب هي حرب ارمجدون أو حرب معركة نهاية العالم، حتى ظهر علماء دين يؤكدون هذه الفكرة عبر تطويع أحاديث وربطها بالأحداث، الأمر ذاته تكرر في حرب العراق 2003 وعاد علماء دين من كل الملل والطوائف يروجون لفكرة نهاية العالم وربط نصوص دينية وإسقاطها على واقع الأحداث، لكن أيا منها لم يصدق.
****
دونالد ترامب هو رئيس أميركا والى هنا وتنتهي الحكاية منطقيا، أما شائعات نهاية العالم فولدت مع اندلاع الحرب الباردة 1947 ومع كل صراع مسلح متعدد الأطراف يعود الحديث عنها ولن ينتهي الأمر.
[email protected]