الاستجوابات التي تم التلويح بتقديمها هي في الغالب شكلا ومضمونا استجوابات سياسية الطابع وتذهب مذهب طريق الصراع السياسي بين الأقطاب، وليست استجوابات رقابية شعبية، فنحن وكما يفترض أن نعلن كمواطنين وكناخبين لم ننتخبكم من اجل أن تكون أداتكم الرقابية «الاستجواب» أداة صراع سياسي بين أقطاب، ولا نريد منكم هذا ولا نرحب به ولا نقبل به ولن ننساه، فنحن نريد أداتكم الرقابية «الاستجواب» لتكون من اجل الشعب، فلم قفزتم بالتلويح باستجواب وزير الشباب والرياضة حول الإيقاف الرياضي وهو الأمر الذي يمكن انتظاره وبحث نتائجه لاحقا وبشكل متأنٍ، ونسيتم وتناسيتم بل وتغافلتم عن المشكلات الأهم، نسيتم التنمية والتعليم والصحة وتأخرنا في المستوى التعليمي وتأخر جامعة الشدادية والمليارات الضائعة والزيادات التي فرضت في المجلس الماضي، تركتم كل هذا وتوجهتم الى استجواب «موجه» عن الرياضة!
توقفت الرياضة أم استمرت هذا أمر يمكن بحثه فليس هو بالأمر الطارئ وليس بالأمر الخطير ولا الذي سيمس جيب المواطن إن توقفت عاما أو عامين، فلم تستعجلون الاستجواب الرياضي إلا إذا كان وراءه هدف سياسي وليس مصلحة عامة للمواطنين ولناخبيكم؟!
الناس لم تنتخبكم لتستجوبوا حول الرياضة أو الإيقاف الرياضي، وهو وان كان أمرا مهما ولكنه ليس بالأمر الخطير أو الحيوي، فالناس انتخبوكم من اجل تصحيح مسارات قوانين حيوية كزيادة أسعار البنزين والإسكان وتوفير الوظائف والتعليم والصحة، وليس الرياضة، لم ننتخبكم لتستجوبوا بل لتعدلوا ولتشرعوا ولتعدلوا قوانين كقوانين الحبس الاحتياطي وقانون تخفيض سن الحدث وليس من اجل استجواب حول «الطبماخية»!
انتخبناكم لما هو أهم وليس لما هو مهم، نعم رفع الإيقاف مطلب وأمر ضروري ولكنه ليس أولوية هنا، بل انه ليس على رأس أهم عشر أولويات بالنسبة للمواطن الكويتي.
يحزننا أن يلعب رياضيونا تحت العلم الأولمبي، ويسوؤنا أن توقف منتخباتنا الوطنية عن المشاركات الدولية والإقليمية، ولكن أيهم أهم ١٢٠ ألف طلب إسكاني معطل أم إيقاف الرياضة، وأيهما اهم أجيال يتم اغتيالها بمناهج تعليمية عقيمة أم اننا لم نلعب في كاس آسيا وهي البطولة التي بأي حال من الأحوال لن نحقق فيها إلا مراكز متأخرة كالعادة، وأيهما أخطر صحة مئات الآلاف في مستشفيات حكومية بحاجة الى إعادة غربلة أم هدفا أو هدفين احدهما تسلل يحققهما فريقنا الوطني في مباراة تصفيات على الهامش؟!
ما يفعله بعض النواب اليوم من التلويح باستجواب الوزير المسؤول عن الملف الرياضي هو قفز على الأولويات الشعبية، وقفز من المهم الى الأقل أهمية، وهذا دليل واحد فقط على أن الهدف منها سياسي بالدرجة الأولى، وليس هناك من تفسير منطقي آخر.
بالكويتي الفصيح «تبي تستجوب استجوب يا أخي... بس مو جذيه».
والقضية هنا وكما يتضح جزء من الصراع السياسي، وأبشركم بأن الناخبين أصبحوا اكثر وعيا وبكثير فكما انهم نسفوا النواب السابقين وأسقطوهم لأنهم لم يدفعوا أو يدافعوا عن مستحقاتهم ومكتسباتهم بسبب صمتهم سيسقطون النواب الذين أهملوا أولوياتهم وقفزوا عليها سياسيا، فالانتخابات الماضية أثبتت تنامي وعي الناخب الكويتي، وما يفعله نواب الاستجوابات السياسية لا يفرق كثيرا عن صمت نواب المجلس السابق، فالسابقون صمتوا عن المكتسبات الشعبية وبعض النواب الحاليين يهملونها من أجل استجوابات سياسية تدخل ضمن إطار الصراع السياسي.
[email protected]