بعد ظهور نتائج الانتخابات وقراءة مخرجاتها وتسمياتها، كتبت وقبل عقد أي جلسة أن المجلس الحالي شبيه تماما، إلى حد التوأمة، بمجلس 2009، «هو بعينه بوشه العكر» كما يقول الشويش عطية في أفلام إسماعيل ياسين.
والآن وبعد 4 جلسات، أعتقد أنني لم أكن مخطئا، فالمجلس مشاكس سياسيا لا أكثر، ما يعني أنه لن يكون مجلسا منجزا لا على المستوى التشريعي ولا الرقابي، كما كان يأمل الكثيرون.
المشاكسة السياسية واستعراض البطولات والتصريحات تضرب أولويات المواطنين في مقتل، فهذا المجلس ومع دخول عمره الشهر، يثبت أنه مجلس للاستعراض السياسي لا أكثر ولا أقل، هذا ما شهدناه في 4 جلسات.
القضايا التي طرحها النواب الذين تحدثوا بها أبعد ما تكون عن آمال المواطنين وتطلعاتهم، لمجلس يغسل كسل المجلس السابق، على الرغم من أن المجلس السابق شهدت سنوات عمره الثلاث إنجازات على أرض الواقع.
نعم، كانت هناك أخطاء تشريعية كارثية بقوانين، كقانون العزل السياسي، وكون نوابه لم يدافعوا عن قضايا الجنسية وشرّع قوانين تكميمية الطابع، لكنه سمح بإنجازات أخرى تمر، فكان أشبه بالمضاد الحيوي يعالج شيئا في جسم المريض ويتلف شيئا في طريقه، كنا نرى مشاريع تقوم وتُقر بل وتنهض وتُفتتح، أما المجلس الحالي فهو أشبه ما يكون بحبة الدواء الوهمية التي تصرف للمرضى الموهومين بأنهم مصابون بأمراض لا يعانون منها، وتكون تلك الحبة عبارة عن قطعة سكر تؤخذ على شكل حبة الدواء، ويقوم بصرفها الطبيب للمرضى، والمفاجأة أن تلك الأدوية التي تعرف باسم «بلاسيبو» أو «العلاج بالوهم» تأتي بمفعول ينتهي بتحسن حالة المرضى، خاصة أولئك المصابين بالاكتئاب، كونها تلعب دورا في تحفيزهم على الاعتقاد بأنهم شفيوا مما لا يعانون منه أصلا، فالمجلس الحالي ينحى منحى اللعب على أوتار ممارسة الديموقراطية والرقابة والتشريع ظاهريا، في حين انه في حقيقة الأمر، وفي جزء منه، مجرد اعادة لمشهد صراعات 2009، ونحن نعتقد مع تعالي النبرة الرقابية أن هذا المجلس ربما يحقق شيئا، لكنه إن استمر هكذا فلن يعالج شيئا.
فإذا استمر على هذا النهج في تضخيم صغائر الأمور على حساب الأولويات الحقيقية التي يطلبها المواطنون، فهنا يمارس المشاكسة السياسية التي أعتقد أننا شبعنا منها منذ أكثر من 20 عاما.
نعم، المجلس السابق ناله من القصور الشيء الكثير، لكن هذا لا يعني أن الحالي أفضل.
شبعنا من الصراعات وفتح جبهات على حساب ساعتنا الديموقراطية الموقوتة بأربع جلسات شهريا.
أي تلويح باستجواب قبل مرور 100 يوم من عمر الحكومة الحالية هو استهداف وليس رقابة، ولا نريد عنتريات، فالبلد بحاجة الى عمل ديموقراطي حقيقي وليس اختلاق صراعات سياسية أو استقصادا أو استهدافا لهذا الوزير أو ذاك.
توضيح الواضح: أغلب النواب يعتقدون أن هذا المجلس لن يرى شمس الربيع القادم.
توضيح الأوضح: من المناسب أن نسأل «هل هناك نائب واحد بدأ تطبيقا حيا وحقيقيا في البرلمان لبرنامجه الانتخابي؟!»
[email protected]