توطئة: هو حديث تخيلي للمواطن الكويتي رقم مليون ونصف المليون والمتوقع دخوله دائرة الأحياء في بداية شهر مايو المقبل.
* * *
عزيزتي الحكومة: أنا المواطن رقم ١٤٤٤٧٦٥ ولدت يوم ٢٠ مايو ٢٠١٧، لاأزال استمتع بصرخاتي الاولى، اعتبر ثالث اخوتي قدوما الى هذه العائلة، والداي متزوجان منذ العام ٢٠١١ اي قبل أحداث اقتحام مجلس الأمة وما تبعها بنحو شهر ونصف، مر الآن ثلاثة مجالس تشريعية المبطل الاول والثاني ومجلس يوليو ٢٠١٣ وها انا ولدت في عهد المجلس الجديد الذي يحمل اسم مجلس نوفمبر ٢٠١٦، فهذا البلد الذي كتب لي ان اكون أحدث مواطنيه من كثرة ما يؤمن بالديموقراطية فلكل شهر مجلس او كل مجلس يعرف باسم الشهر الذي عقدت فيه انتخاباته، وهو امر لم يحصل في اي بلد ديموقراطي في العالم، ولدت في عهد التقشف وزمن الوثيقة الاقتصادية ورفع اسعار البنزين والكهرباء وانخفاض اسعار النفط الذي يعتبر مصدر الدخل الوحيد.
بالمناسبة عمري سيكون عامين ونصف العام عام ٢٠٢٠ وهو العام الذي قالت فيه السفيرة الأميركية السابقة انه وقت نهاية الكويت التي نعرفها اليوم، وسأكون في السنة الاخيرة من الثانوية العامة في العام ٢٠٣٥ وهو العام الذي حددته الحكومة لأن يكون سقف رؤيتها لتطوير البلد، اذ سيكون عمري يومها ١٧ عاما ونصف العام ولا اعلم ان كنت سأدرس المراحل التعليمية وفق منهج المقررات او الفصلين او كفايات او منهج «كيف الحال كيف انت».
قبل ولادتي بشهرين كان عدد العاطلين عن العمل اكثر من ١٨ ألفا وعدد الطلبات الإسكانية المستحقة اكثر من ١٢٠ ألفا اي ان اكثر من ٣٠٠ ألف فرد من هذا المجتمع يعيشون تحت خط الإيجار وهناك اكثر من ٢٠٠ ألف مواطن ممنوعين من السفر وعدد أسرة المستشفيات اقل بكثير من الحاجة الفعلية لأكثر من ٤ ملايين ساكن على هذه الأرض، وهناك في البلد ٣ جهات مالية رقابية هي ديوان المحاسبة وجهاز المراقبين الماليين وهيئة مكافحة الفساد ومع هذا الحديث عن الفساد اكثر من أحاديث شاي الضحى، ومنذ ما قبل ولادتي بعشرين عاما لم تتم إحالة متهم حقيقي وواضح بتهم فساد، فكل ما يدور حديث مرسل بلا أدلة او بلاغات ناقصة او بلاغات غير جدية.
وأعتقد انه لو كنا نعيش في بلد تعمل أجهزته الرقابية والتنفيذية والتشريعية كلها بكفاءة بل بنصف كفاءتها لما كان فيها عاطل واحد عن العمل او عائلة واحدة تنتظر بيت العمر لأكثر من ١٨ عاما ولما كان هناك اكثر من ٣٠٠ ألف نسمة يعيشون تحت خط الإيجار.
قبل ولادتي المنتظرة في بداية مايو هناك حديث عن ان المحكمة الدستورية ستبطل مجلس نوفمبر اي انني سأولد في أجواء عرس ديموقراطي جديد سينتهي بمولود اسمه مجلس يونيو ٢٠١٧، اما مجلس نوفمبر والذي قضى ١٠٠ يوم ولم يشرع قانونا واحدا ولم يحل مشكلة واحدة او يحقق استحقاقا شعبيا واحدا فسيرحل غير مأسوف عليه، لا ليس هو من حل مشكلة الجناسي فهذا لم يكن دوره فقد حلت مشكلة الجناسي بمكرمة أميرية سامية، أما دوره كمجلس تشريعي فقد كان التشريع لمنع مثل هذا من ان يحدث لا ان يقضي ١٠٠ يوم وهو لم يشرع قانونا واحدا رغم ان اسمه التعريفي هو «السلطة التشريعية» وحاسونا وحاسوا البلد في صراعات سياسية بحروب وكالة عن الغير.
باختصار ولدت في بلد ديموقراطي يمتدح ديموقراطيته من ربح في سوقها فقط، في بلد اهله كلهم يدعون المثالية الديموقراطية ولكن مثاليتهم تلك تتعطل ساعتها وتتوقف عند ورقة الاقتراع فيصوت اغلبهم لابن عمه وابن مذهبه وقبيلته وابن فئته ومعارضته تعارض من اجل مصالحها بل مصالح القلة منها فلا استغرب ان يصل عدد العاطلين عن العمل الى ٥٠ ألفا وعدد طلبات الإسكان الى ٢٠٠ ألف ويزداد حجم الفساد.
واذا أردتم ان تبنوا رؤية حقيقية لتطوير بلدكم فلتبدأ من يوم ولادتي مايو ٢٠١٧ وامسحوا كل ما سبق وإلا فسيظل الحال على ما هو عليه حتى ٢٠٣٥.
[email protected]