الإصلاح الحقيقي لا يبدأ أبدا من قمة الهرم.
بمعنى أبسط إذا كان لديك بيت هدام فليس من المعقول أن تصلحه من السطح وتهمل الأساس.
****
المعارضة والإصلاحيون دائما ما يتحدثون في ندواتهم وتحليلاتهم عن إصلاح القوانين وضرورة تطبيقها ويدعون الى تعديل الحكومة وضرورة تطبيق مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب، ويطالبون بتمكين الكفاءات، بل ويطعمون خطاباتهم بنبرة ساخرة أحيانا ضد هذا المسؤول أو ذاك أو يلمزون كوميديا نائبا يتهمونه بالميل مع الحكومة، وهذا صحيح الى حد كبير، فالحكومة لديها من الأخطاء ما يهدم سبعة جبال ويتسبب بانهيار خمسة سدود بل يمكن لبعض أخطائها ان يهدم الهرم الأكبر ويمحوه من على الخارطة في ١٠٠ يوم، وها أنا استخدم ذات أسلوب السخرية الذي يتحدث به بعض الإصلاحيين ونواب المعارضة.
****
ولكن هناك حقيقة غائبة بين انتقاد المعارضة للحكومة ودفاع الحكومة عن نفسها، وهو ان الإصلاح لابد ان يكون من الأساس في عملية الممارسة الديموقراطية من كافة الأطراف سواء المعارضة والموالين أو من الحكومة ومن الشعب نفسه الذي هو عصب وأصل العملية الديموقراطية كلها.
فلا يعقل أن المعارضة وغيرها من الأطراف التي تخوض غمار الانتخابات تلعب السياسة وفق مبدأ هو أبعد ما يكون عن الديموقراطية التي تعتمد على اختيار الكفاءات لتمثيل الأمة.
****
فالمبدأ القائم لكل الأطراف المشاركة في العملية السياسية هو كالتالي:«عطونا النادي ونعطيكم المجلس البلدي» أو «عطونا الجمعية ونعطيكم النادي» أو «عطونا النادي ونعطيكم كرسي البرلمان».
هذه المقايضة غير المعلنة والتي لا يتطرق لها احد هي احد أسباب فشل العملية الديموقراطية كلها، فالمبدأ التي تسير عليه بعض الكتل السياسية او التيارات او حتى المجاميع العائلية أو القبلية في اغلب الدوائر هو ادعمونا في انتخابات الجمعية وندعمكم بالمقابل في انتخابات المجلس البلدي او انتخابات مجلس الأمة، وهنا أتحدث عن عمليات تبادل واسعة لشرائح سياسية ومجتمعية تعمل وفق هذه المقايضة منذ اكثر من 40 عاما، والتي أعتقد أنها أحد الأسباب الرئيسية لتردي مخرجات اي انتخابات ديموقراطية سواء البرلمانية أو انتخابات الأندية أو جمعيات النفع العام أو حتى الجمعيات التعاونية، ومبدأ المقايضة وتبادل المصالح بين كل تلك المجالات افسد العملية الديموقراطية بشكل جعلها أشبه بالمعطلة، فالسلطة ليست السبب، اعني ليس وحدها.
وليست المعارضة، بل هي منظومة متكاملة أساسها المقايضة غير العادلة التي أدت إلى الحال الذي نعيشه اليوم، وهي التي جعلتنا نعيش في دائرة صراع سياسية على شكل دوامة لا تنتهي.
فحديث المعارضة أو حديث الإصلاحيين عن خلل الديموقراطية في الكويت دون الحديث عن مبدأ المقايضة السياسية هو حديث ناقص أشبه بالكذب السياسي غير المبرر.
أما لماذا لا تتحدث المعارضة عن مبدأ المقايضة السياسية القائم منذ 40 عاما؟!، فالجواب بسيط هو أن هذا الأمر:«جايز لها»، وسلامتكم.
[email protected]