هطول الأمطار بهذا الشكل الكارثي الذي تسبب في غرق عدد من الطرق وإغلاق شوارع رئيسية وتسبب في انحشار مواطنين لساعات في سياراتهم وتقطع السبل بهم وعيشهم في هلع وخوف، هو نتيجة كارثة جوية لا تتحمل وزرها الحكومة، فهذه كارثة جوية وقد حصلت ويحصل مثلها في كل بلدان العالم، هذا حقيقي وأذكر أن هذا التوجه هو ما ذكرته أطراف حكومية في كارثة سابقة بذات الحجم عندما قال مسؤول حكومي مدافعا عن غرق الشوارع يومها: «انظروا فيضانات تحدث في لندن وأعاصير في أميركا ولا أحد يلوم الحكومة»، وأنا شخصيا أصدقه وأؤكد كلامه، فالحكومة مهما بلغت قوتها تستطيع التحكم بإرادة أمة كاملة عبر السيطرة على مجلس الأمة ولكنها لا تستطيع السيطرة على تغيرات الطقس، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
الحكومة ليست ملامة على ما آلت اليه الأمور يوم الجمعة الماضي، عندما أغلقت الطرقات الرئيسية وشلت حركة السير وعلق الناس في سياراتهم عوائل وأفرادا وتحولنا - ولو مؤقتا بحسب ما بثت وسائل التواصل الاجتماعي من صور وفيديوهات - الى بلد منكوب.
نعم الحكومة ليست مسؤولة، أليس هذا ما تريدون منا قوله، نعم فكمية الأمطار كانت اكبر من الطاقة الاستيعابية لشبكات تصريف الأمطار، أوليس هذا عذرا يمكن لكم استخدامه في تصريحاتكم المقبلة لتبرير الفشل الذريع الذي منيت به أجهزة الدولة كلها لمواجهة رشة مطر لم تستغرق سوى 45 دقيقة؟!
عذركم سمين يا حكومة، فلا يد لكم فيما حصل، ولكن هنا المشكلة التي لا عذر لكم منها أو عنها، وهو انه لم تكن لدى من أي من أجهزتكم كلها أدنى فكرة عن إدارة أزمات من هذا النوع، ومما اتضح ان لا الجهات الأمنية ولا الطبية ولا طوارئ الكهرباء أو البلدية أو الأشغال لديها شيء اسمه فريق ادارة الكوارث او الأزمات، لذا تمت معالجة الأمور الجمعة الماضي بشكل ارتجالي من جميع تلك الجهات، نعم لا توجد خطة طوارئ أو خطة إدارة أزمة.
وهذا ما كشفته أمطار الـ 45 دقيقة، نعم يا سادة لم تكن لديكم خطة أو فريق لإدارة أزمات من هذا النوع، لذا تفاقم الضرر الناتج عن تلك الكارثة الطبيعية وكان يمكن أن تحدث مصائب أكبر.
تضرر الناس وغرقت بيوت وتعطلت حركة السير، وقلت إن سببه تغير مفاجئ في الطقس غير متوقع، ولكن الا تكون لدى الحكومة خطة طوارئ فهذه هي الكارثة بعينها وهذه التي يجب محاسبة جميع الجهات الحكومية المسؤولة عنها، ماذا يعني أن تستنفر بعد الكارثة وانت ليست لديك خطة طوارئ أصلا؟! يعني أن هناك خللا كبيرا في الجهات الحكومية يجب محاسبة المسؤولين عنه، ليس بسبب كميات الأمطار التي لم تستوعبها شبكة الطرق، بل بسبب عدم وجود خطة طوارئ لحماية البشر من كوارث كهذه، او بالأصح خطة للتعامل مع عواقب مثل تلك الحادثة، وماذا لو استمرت الأمطار لساعتين او لثلاث او حتى 6 ساعات في ظل عدم وجود مثل تلك الخطة التي من المفترض وجودها، كانت ستحدث مصائب بل وحالات وفاة بالعشرات.
الآن، ليخرج الناطق الرسمي باسم الحكومة ويثبت ان لديهم حتى ولو نصف خطة طوارئ، لا يوجد وأتحداهم.
فلا توجد خطة من اي نوع، المشكلة ليست فيما حصل وهو نتيجة متغير مناخي خارج عن إرادة الجميع، لكن الكارثة كانت في التعامل الارتجالي لجهات الدولة لمواجهة تبعيات تلك الكارثة دون وجود خطة أصلا.. وسلامتكم.
[email protected]