[email protected]
لم يكن يجدر أبدا بتلفزيون الكويت أثناء تغطيته لحادثة غرق الشوارع يوم الجمعة الماضي أن يبث لقطات اخبارية لشوارع «ناشفة» خالية من الأمطار والغرق وبدلا من أن يبث لقطات حية للشوارع والأنفاق المتضررة يقوم ببث لقطات لشوارع لم تتضرر قط من الأمطار في محاولة للقائمين على التلفزيون للترويج بأن الأمور بخير وأن «كله تمام يا أفندم»، لا يا سادة لا يا مسؤولي التلفزيون ما هكذا تدار الأمور ولا هكذا يتم التعاطي مع حدث كارثي كالذي مرت به البلاد يوم الجمعة الماضي، تصورون وتبثون شوارع لم تتضرر من الأمطار وتهملون حقيقة أن نفق الصباحية قد غرق، وتبثون لقطات لشوارع بعيدة كل البعد عن بؤرة الكارثة فقط لتبثوا وتثبتوا عبر لقطاتكم أن البلاد بخير وأن شيئا لم يغرق وأن سيارات لم تتضرر وأن مواطنين لم يعلقوا، سياستكم هذه كان يمكن أن تنفع في ثمانينيات القرن الماضي، أما اليوم ومع انفجار وسائل التواصل فهذا الأسلوب الذي اتبعتموه ليس قديما فقط بل بائد لم تعد له قيمة، ويضحك الناس عليكم وعلى تفكيركم.
غرق البلد في شبر ماء كان عليكم أن تعترفوا بهذا ولا خطأ فيه، وكان عليكم أن تبثوا الحقيقة التي شاهدها الجميع عبر مقاطع سناب شات وانستغرام وتوتير، أما أن تبثوا لقطات لشوارع لم تتضرر فقط لتثبتوا أن الأمور تمام يا أفندم باستخدام خدعة إعلامية انتهت منذ العام ١٩٩٠ فأنتم هنا ترتكبون خطيئتين، الأولى: إنكم تستخفون بعقول الشعب وتستهينون بها عبر فعلتكم تلك، والثانية: إنكم تفقدون مصداقيتكم التي لامست الأرض تقريبا.
يا سادة البلد غرق، ولم نقل لكم ان تهولوا الأمر كما فعلت وسائل التواصل كما تتهمونها، بل نطلب منكم نقل الحقيقة كما هي بلا تهويل ولا تهوين، فهذا هو دور الاعلام الحقيقي المتزن.
اما وانكم تهونون من حجم كارثة عاشها الناس ورأوها رأي العين، فأنتم تمارسون التضليل الإعلامي الذي لم يكن جديرا بكم أن تمارسوه فليس هذا دوركم، وليست هذه مهمتكم ولا مهمة الإعلام الذي أنتم موكلون به، ما فعلتموه هو تدليس إعلامي أو بالأصح تهوين إعلامي، حسنا ولا بأس أن «ترقعوا» لجهات حكومية فشلت في مواجهة الأمطار ولكن ليس بتلك الطريقة التي أنكرتم بها وبكل بجاحة أن البلاد تعرضت لكارثة وان شوارع غرقت وأن أناسا قد علقوا في سياراتهم وأن طرقا رئيسية قد تعطلت تماما وشلت حركة السير بها وأنتم تصورون لنا شوارع لم ينلها من الكارثة شيء وتبثونها عبر القناة الاولى وتخرج مذيعة علينا تقرأ «الاوتوكيو» المسجل أمامها قائلة: «كما ترون أن الحركة في الشوارع طبيعية»، لا يا سيدتي، لا يا سادة هناك سيارات تحولت الى غواصات في شارع الغوص وفي المنطقة العاشرة وفي الجهراء وفي الصباحية، وهناك أنفاق غرقت بها عشرات السيارات وطرق تعطلت، هنا لا يجب محاسبة المسؤولين عن الطرق عن المأساة بل تجب محاسبة من أخفى الحقيقة عبر الإعلام الرسمي من مسؤولي التلفزيون وبث الحقيقة مقلوبة، ولنفرض أن مواطنا واحدا صدقكم وصدق ما قمتم ببثه وخرج بسيارته بعد أن طمأنتموه إلى شارع الغوص وعلق هناك أو غرقت سيارته فمن يتحمل الضرر الذي حل به بسبب تضليلكم الإعلامي؟
عادي، قولوا إن البلد غرق وحذروا من الذهاب إلى ذلك الشارع وذلك النفق، أما أن تبثوا أن كل شيء تمام يا أفندم فهو أمر يجب أن تتم محاسبتكم عليه حتى ولو تسبب في ضرر تعطل شخص واحد صدقكم وصدق ما قمتم ببثه.