مصيبة كبيرة جدا عندما ترتدي العنصرية مفاهيم إنسانية راقية، لا يوجد أسوأ ولا أكثر خطرا على أي أمة من ان تتغلغل العنصرية بداخلها مغلفة بمفهوم إنساني نبيل كالوطنية، فيأتيك من هذا الباب من يحدد أطر الوطنية وفق مقاييسه ويحدد كذلك طول وعرض الولاءات المناسبة لكل من يرى من وجهة نظره فيمن يجب أن يكون مواطنا ومن يجب ألا يكون.
> > >
أتفهم أن يخرج شخص صاحب نفس عنصري متطرف ويعلن عنصريته كما يحدث في فرنسا مع حزب اليمين المتطرف، على الأقل هم واضحون انهم ضد فئات معينة ويعلنون تلك الفئات ويحددونها ويرفضونها، وهم هنا واضحون، أما لدينا فالعنصريون يرتدون عباءة الوطنية، هم لا يقولون انهم عنصريون ولا يقرون بذلك بل يتنكرون في زي الوطنية، و«يا ويلك يا سواد ليلك» اذا عارضتهم، فأنت إما مشكوك بأمرك أو «منت مضبوط» وطنيا.
> > >
المشكلة أن العنصرية لدينا تشبه تماما المغناطيس، فلها قطبان، الأول أن هناك من يعتمد قياسه لوطنيتك على أنه إذا لم تكن ممن تحرك وشارك في المظاهرات فلست وطنيا كفاية. والثاني أن هنالك من يرى انك ان كنت ممن شارك أو أيد مظاهرات الحراك فأنت لست وطنيا بما يكفي أيضا، فلا انت سلمت من هؤلاء ولا أولئك، وكلاهما يطعن في وطنية الآخر من ذات الباب، رغم ان تفسيري الفريقين للوطنية لا علاقة لهما بالوطنية بل مجرد تحزب سياسي أو اصطفاف عنصري يتنفس هواءه الطرفان، النكتة في الموضوع أن كلا الفريقين يتنفس العنصرية ضد الآخر، وكلاهما يدعي وصلا بالوطنية والوطنية لا تقر لهما وصلا.
> > >
هي قصة الأزرق والبرتقالي التي بدأت حراكا سياسيا «إعلاميا» لتغيير الدوائر، ثم معها كرت السبحة وكبرت كرة الثلج حتى وصلنا إلى مرحلة العنصرية السياسية والمحاسبة على الهوية.
> > >
بالمناسبـة الحكومـة تعي هذا جيـدا، والوضـع عاجبها، فهي سمحت بوجـود فكـرة أن بقــاء الأزرق لا يتحقق الا بموت البرتقـالي وان حياة البرتقـالي مرهونة بإنهـاء حيـاة الأزرق، ونسيت ونسي الفريقان ان هناك مفهوما إنسانيا بسيطا وسهلا يمكن أن يحل المشكلة اسمه التعايش[email protected]