[email protected]
تحصين رئيس مجلس الوزراء - سياسيا على الأقل - وفي القياس التاريخي سابقا ليس بدعة وليس اختراعا جاء به بعض نواب المجلس الحالي الذين اعلنوا هذا التحصين بداية الشهر الماضي، بصفقة حلحلة بعض الملفات مقابل التهدئة السياسية، فقد سبقهم إليها الأغلبية في مجلس 2012 «المبطل الأول» وقاموا بإيقاف استجواب النائب عبيد الوسمي، وفي الحالتين يثبت لنا أن تعطيل الأداة الرقابية خطأ نيابي فادح يجب ألا يقبل به على أي مستوى وأي صعيد، ليس لأن هذا التحصين لا يوجد له سند دستوري ولا قانوني ولا حتى لائحي، بل لأنه إعلان تعطيل أداة رقابية هي الذراع الثانية لمجلس الأمة بعد ذراعه التشريعية، فالمجلس هنا يفقد احد ذراعيه بلا سند ولا مبرر.
وهنا برأيي لا الحكومة ولا رئيسها يتحملان وزر هذا التحصين أو إعلان التحصين، فإذا فرضنا أن الحكومة قدمت مثل هذا العرض لنواب «المعارضة» في سياق صفقة سياسية معينة فالخطأ هنا على من قبل بالعرض لا من قدمه.
هذه الصفقة - ان كانت كما يتردد - لا تمس الحكومة بشيء، بل إنها تمس المجلس بأكمله، إذ أن عنوانها الرئيسي كالتالي: «المعارضة تحولت إلى موالاة مؤقتة» وهذا فيه تنازل صريح غير مبرر وغير مقبول أيضا من المجلس وليس من المعارضة فقط، فالمعارضة هنا دخلت في مساومة سياسية لم يفوضها بها احد ممن انتخبهم او ظن أنهم سيأتون بالمكتسبات الشعبية، فالتفويض الذي منحه الشعب هو لبسط الرقابة الشعبية والتشريع باسم الأمة، وليس التنازل عن أي من هاتين الأداتين الدستوريتين.
لأول مرة تكون الحكومة بريئة من خطأ دستوري فادح، ويتحمله المجلس وحده ممثلا بنواب المعارضة.
المصيبة ليس ان المجلس فقط شلّ يده الرقابية بمثل هذه الصفقة التي أعلنتها المعارضة، بل انه أصلا يعاني من شلل في يده التشريعية، فمنذ عقد المجلس حتى اليوم لم يقر سوى قانون واحد فقط، فكأنه مجلس بلا يدين.
توضيح الواضح: أعاني منذ عام من حالة شلل مؤقتة في يدي اليسرى وصدقوني أنا أعلم يقينا اكثر من غيري عندما أقول إن مجلسا بيد واحدة لا يمكن أن ينجز شيئا.