القراءة ثم مشاهدة الأفلام وبعدهما الركض أو السباحة حتى اشعر بالألم يدب في كل عضلة من عضلات جسمي، هذه الاشياء الثلاثة هي ما أعتبرها هواياتي الحقيقية، لا أجيد كرة القدم رغم أنني كنت أعتقد يوما أنني سأكون خليفة الطرابلسي، ولكن هذا لم يحدث، واستغرقني الأمر نحو 10 سنوات قبل أن أقتنع تماما بأنني لا أجيد من فنون كرة القدم سوى الركل العشوائي، وعلمت بعد السنوات العشر من المثابرة أنني لا أصلح أن أكون سوى مشاهد لكرة القدم ومن خلف شاشات التلفزيون.
أعترف أن عقدا كاملا هو وقت طويل ليقتنع المرء بأنه لا يصلح لأمر ما، ولكن المهم في نهاية الأمر أنني فهمت واستوعبت واقتنعت بأن كرة القدم ليست قدري وأنها لن تخسر عبقريا كرويا فيما لو لم أحترفها، وهو ما يجعلني أفضل بمرتين من الحكومة التي ومنذ 19 عاما وهي تصر على أن تفعل ذات الأشياء بذات المنوال والطريقة والأسلوب، فخططها الخمسية والعشرية وكل من لف لفهما تفعلهما بذات لطريقة، فمنذ نحو عقدين وهي تريد أن تبني مستشفيات وتريد أن تبدأ بمشاريعها التنموية التي لم تكن يوما سوى حبر على ورق الأماني الذي تنثره في وجوهنا كل حكومة تأتي منذ 19 عاما بذات الخطة الخمسية التي تنتهي وتبدأ خمسية أخرى ولم تنفذ منها سوى طريق جانبي و16 «شبة» وبوابة وزارة و17 مظلة لمديرين وتغيير طرازات وزرائها.
أنا كشخص ودون تدخل من أحد عرفت «بروحي» أنني لا أجيد كرة القدم وتركتها إلى غير رجعة مكتفيا بمشاهد لقطات أجمل الأهداف فأكره ما علي الآن هو مشاهدة مباراة كرة قدم كاملة، ففي 90 دقيقة من دون شوطين إضافيين يمكنني أن أقرأ أجزاء من كتاب أو أشاهد فيلما جميلا أو حتى أذهب للسباحة حتى تئن عضلاتي تحت وطأة آلام التعب، ولكن الحكومة أو حتى أكون أكثر دقة الحكومات المتعاقبة منذ 19 عاما وهي تلعب بذات الطريقة ولم تتعلم طوال تلك السنوات أن طريقة سيرها ليست على ما يرام، أنا كشخص بسيط حالما اكتشفت وحدي فشلي فيما كنت أحاول أن أفعله لعشر سنوات وتوقفت وأقنعت نفسي بالتغيير، وتغيرت، أما الحكومات المتعاقبة بوزراء بالجملة ومستشارين أكثر من «مغازلجية سوق الجمعة» لم تستطع أن تغير نهجها ولا أجندتها ولا حتى طريقة تعاطيها مع كل القضايا المتشابهة لذا توقف بنا وبها الزمن منذ 19 عاما، تدور وتديرنا معها في حلقة مفرغة بسياسة أصبحت شعارا ترفعه تلك الحكومات اسمها «ما أجمل العودة إلى المربع الأول!».
وللأمانة الحكومة السادسة لسمو الشيخ ناصر المحمد تحاول جاهدة أن تقنع نفسها بأنها لا تجيد كرة القدم ولكن شيئا ما أو شخصا ما يصر على إقناعها أو إجبارها على الاقتناع بأنها تمتلك مهارات مارادونا وطيران كرويف وحظ باجيو وقوة مارس وكاريزما زيدان وذكاء رونالدينهو ووجه كريستيانو، رغم أنها وكما يبدو من تجربة الـ 19 عاما الماضية لا تفرق بين حكم الراية وراية الكورنر.
كل ما على الحكومة الحالية هو أن تغير النمط الحكومي الذي سارت على نهجه الحكومات السابقة وتبتكر أسلوبها الخاص، إذا كانت لا تجيد كرة القدم فلتجرب أن تلعب التنس وربما الجودو أو حتى تلعب «عظيم ساري»، المهم أن تغير هوايتها الأثيرة في إضاعة الوقت عبر إقناع نفسها بأنها تجيد شيئا هي فعليا لا تجيد 1% منه.
[email protected]