في أول ظهور له بلقاء تلفزيوني مطول قدم رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك صورة راقية عن صاحب أرفع منصب تنفيذي في البلد، صورة إنسانية متكاملة تعكس الشخصية الحقيقية للشيخ جابر الإنسان، وبعيدة كل البعد عن شخصية رئيس الوزراء المختلف حولها سياسيا، وربما كان هذا السبب وراء الهجوم النقدي الذي أعقب المقابلة.
عامة، وللإنصاف اللقاء انصب في 90% منه على شخص الشيخ جابر المبارك وليس على صفته، مع لمحات توثيقية لأحداث مر بها لم تكن معروفة من قبل أو لم تكن مدونة سابقا على الأقل بهذه الطريقة.
اللقاء الذي أداره الإعلامي عثمان العنجري في برنامجه «أصحاب السلطة» قدم صورة اقرب للواقع عن الشيخ جابر المبارك، كما قلت الإنسان وليس الرئيس المختلف سياسيا بشأن حكومته وسياساته وأدائها، مثله مثل اي رئيس حكومة آخر.
وفي رد المبارك على تقبله للانتقاد قال ان: «من لا يتسع صدره للنقد فليجلس في بيته»، ربما يعتقد البعض ان هذه الجملة مجرد حديث أفلاطوني ولكن الحقيقة أنها قناعة راسخة يؤمن بها المبارك بكافة تفاصيلها، فالرجل منذ دخل عالم السياسة وحتى وصوله رئيسا لمجلس الوزراء لم يقم برفع قضية واحدة على كاتب او اعلامي او مغرد او سياسي، رغم موجات الهجوم العنيفة التي يتعرض لها التي قد تصل أحيانا إلى حد التجريح الشخصي، ومع هذا لا يوجد في رصيده القضائي اي قضية منه ضد صاحب رأي او شخص انتقده.
طرحت المعارضة قبل نحو الشهر قائمة بما أسموه بـ «إنجازات جابر المبارك» ووضعوا ٢٥ انتقادا رأت المعارضة انها تجاوزات حصلت في عهده، والحقيقة ان نصف ما حوته الوثيقة صدرت من مجلس الامة كقوانين بالتصويت بالإجماع ولا علاقة للحكومة بتمريرها حتى إن كانت الحكومة قد تقدمت بها كمشاريع قوانين، ولكن ممثلي الامة ونوابها هم من مررها، النواب الذي انتخبناهم. والشيء المستغرب ان بعضا ممن رفع تلك القائمة ضد الشيخ جابر المبارك من المقاطعين ترشحا وانتخابا. السؤال الذي يفرض نفسه هو: لم تدخلوا الانتخابات لا كمرشحين ولا كناخبين ثم تعيبون على مجلس ٢٠١٣ إقراره لقوانين بدعوى انها حصلت في عهد رئيس الوزراء الحالي؟ تناقض غريب، كان الأجدر أن يعترفوا على الأقل أن مقاطعتهم كانت سببا رئيسيا في إقرار تلك القوانين بسبب ولادة مجلس ضعيف، ضعفه سببه الوحيد هو مقاطعتهم للانتخابات التي جاء من رحمها.
الرجل وللأمانة قدم خلال سنوات قلائل إنجازات نوعية عبر الحكومات المتعاقبة التي ترأسها منذ ٢٠١١، والإنجازات تحسب له ولعهده منها إنجاز مشاريع إسكانية معطلة وبنى تحتية وطرق رئيسية، ولكن للأسف انه وبسبب عدم قدرة الحكومة على ترويج إنجازاتها الفعلية لرجل الشارع العادي لا تذكر بشكل يليق بحجمها المستحق.
توضيح الواضح: للأسف - وهنا أتحدث من وجهة نظر إعلامية فنية - ان المقابلة كان يمكن ان تخدم تسويقيا في المشهد السياسي بشكل أكثر، عامة حتى الصدى الانتقادي لم يكن في محله لأنه اقرب الى النقد الشخصاني منه الى النقد الحقيقي.
[email protected]