لا شك ان انتخاب الكويت عضوا غير دائم في مجلس الأمن يعد انتصارا سياسيا لا يمكن إنكاره، وجاء كتتويج مستحق لمسيرة طويلة من انتهاج سياستي الاعتدال والباب المفتوح، وهذا الاختيار يضع بلادنا كشريك رئيسي على خارطة العمل الجماعي الأممي وبشكل أكثر فاعلية، وعلى مستوى عالمي يضع بلادنا كشريك رئيسي في صنع كثير من القرارات الحيوية عالميا.
والحصول على ١٨٨ صوتا من أصل ١٩٢ يعني اعترافا دوليا بالإجماع باختيار الكويت لهذا المنصب الحيوي لثقة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بسياسة بلادنا الخارجية، وتزكية رسمية تأتي بمنزلة اعتراف أممي بجدوى السياسة الخارجية لبلادنا وعلو كعب الديبلوماسية الكويتية على كل المستويات.
ما كان كل هذا ليتحقق لولا القيادة الديبلوماسية الحكيمة لصاحب السمو الامير الشيخ صباح الأحمد، ولم تكن السياسة الخارجية لبلادنا نتاج جهود عقد أو عقدين، بل كانت نتيجة لأكثر من ٥ عقود كان خلالها سموه راسم سياسة بلادنا الخارجية على مدار العقود الماضية منذ ما بعد الاستقلال حتى اليوم ما وضع لبلادنا اسما بين البلدان الأكثر اتزانا واعتدالا سياسيا بين دول العالم أجمع، وكان نصيبنا الأوفر منها السمعة السياسية الخارجية التي جعلت منا بلدا ينظر اليه عالميا كصانع للسلام وشريك رئيسي في خلق الاعتدال في أي وضع سياسي خلافي، بل وبلد مساهم في أي مشروع من شأنه تطور البلدان الأخرى نحو الاستقرار والرخاء.
صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد وضع أسس السياسة الخارجية للكويت منذ توليه وزارة الخارجية، ولو عدنا الى الخطاب الذي ألقاه سموه في الأمم المتحدة في ١٤ مايو ١٩٦٣بمناسبة قبول الكويت عضوا في الأمم المتحدة، لوجدنا ان ذلك الخطاب الذي يعود تاريخه الى نصف قرن مضى هو مختصر خارطة طريق السياسة الكويتية منذ استقلالها حتى اليوم، وبه، ومع تلك السياسة لم نكن مجرد بلد بترولي ثري لتوه نال استقلاله، بل كنا وأصبحنا بلدا فاعلا مؤثرا بصورة إيجابية إقليميا وعربيا وعالميا وساهمنا بشكل أو بآخر في صناعة السلام في العالم.
ما ذكرته وما أوردته على عجالة في مقالتي هذه يفترض أن يكون مثار فخر لكل كويتي، بل يفترض ان يكون موضوعا رئيسيا يدرس في منهاج وزارة التربية، فنحن وبفضل حكمة صاحب السمو الأمير وحنكته كأننا لم نرتض ان نكون مجرد رقم دولي يضاف الى قائمة الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، ولا ان نكون بلدا آخر لا تعنيه سوى مشكلاته الداخلية أو الإقليمية، بل كنا بلدا فاعلا في العالم اجمع على كل المستويات في السلم والتنمية ورخاء الشعوب الأخرى.
ما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم من تحقيق هذا التقدم السياسي في اختيار بلادنا كعضو غير دائم في مجلس الأمن إلا بتوجيهات صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.
توضيح الواضح: الكويت وضعت خطها السياسي كاملا وواضحا وشاملا في الخطاب التاريخي الذي ألقاه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في ١٤ مايو١٩٦٣، ومن يومها كانت الكويت التي نعرفها اليوم ويعرفها العالم أجمع قبلة سياسية للسلام وبلدا مؤمنا بالسلام.
[email protected]