[email protected]
من يظن ولو للحظة ان الحروب الإعلامية العربية ـ العربية الأخيرة مستحدثة أو جديدة، يبدو أنه لا يعرف وقائع الحروب الإعلامية الممتدة منذ عام 1952 وحتى اليوم، والتي كان احد ابرز اسلحتها الصوتية المنبرية في الستينيات المذيع احمد سعيد الذي أطلقت عليه صحيفة التحرير المصرية لقب: «مؤسس مدرسة الكذب على الهواء» وذلك في عددها الصادر بتاريخ 29 اغسطس 2015.
احمد سعيد كان سلاحا من بين عدة أسلحة استخدمها العرب ضد بعضهم البعض، الأمر ليس بجديد، وليس وليد اللحظة، ان يستخدم العرب الإعلام في حروبهم الإعلامية ضد بعضهم البعض، بل ان عمر تلك الحروب الفاترة يعود الى اكثر من 50 عاما مضت، وهي حروب تستخدم فيها الإشاعات غالبا وجزءا من الحقائق في احيان قليلة، المهم الا احد ينتصر فيها، وتنتهي كلها بلقاء ثنائي او ثلاثي او بتدخل الحكماء و«يطيح الحطب» وأحيانا تنتهي تلك الحرب الإعلامية بتغير قواعد اللعبة السياسية في اي من تلك الدول او تبدل مواقف القوى الإقليمية او العالمية او انتهاء سببها.
عامة، لا يوجد سبب للقلق من تلك الحروب كونها احيانا كثيرة تكون جزءا من الحركة التصحيحية في المنطقة، فغالبا تلك الحروب كما ان لها أسبابا ودوافع الا انه أيضا لها نتائج، ومن ابرز نتائجها كما قلت تصحيح المسار السياسي بشكل عام في المنطقة وتعطي دلائل ومؤشرات لما هو آت.
كما ذكرت، تساهم تلك الحروب الإعلامية في تصحيح المسار السياسي وهو الشيء الحميد الوحيد لتلك الحروب التي تستخدم فيها المنابر الإعلامية بكل طاقاتها بين طرفين او عدة أطراف، وفي النهاية مهما بلغ حجمها الصوتي فلا أثر لاحق لها وتنتهي بأسرع مما بدأت به، وتعود مياه العلاقات الى مجاريها وكأن شيئا لم يحدث.
لست من حزب المتفائلين ولا من حملة رايات التشاؤم في القراءات التحليلية السياسية بل اعتمد على القياس التاريخي، والقياس التاريخي على ما نشهده اليوم من تجاذب سياسي إعلامي في المنطقة ليس الأول ولن يكون الأخير، فتباين الرؤى السياسية بين الدول امر طبيعي جدا، بل انه حتمي، وفي المنطقة كل الخلافات مهما بلغ حجمها تنتهي بأسرع مما بدأت، والخلافات العربية ـ العربية التي مشهدها اليوم ليست سوى حالة سياسية طبيعية وستنتهي بتقارب وجهات النظر او بانتفاء السبب سواء بتدخل واسطات او بزوالها مع تقادم الزمن.
لا تجزعوا فالأمر لايزال في دائرة الممكن السيطرة عليه.