كمحلل سياسي ليس لك إلا أن تنقل قراءاتك السياسية التي تطرحها بناء على معلومات تصلك او قرائن مواقف معينة ترصدها، ومن خلال رصد كل الأحداث الأخيرة المتسارعة منذ انطلاق الأزمة الخليجية الأخيرة ووفق القراءات الإعلامية - بعيدا عن التحيز - فإن الواضح ان الأزمة في طريقها للانفراج، وكما خلقت الأزمة فجأة ستختفي بذات الفجائية التي ظهرت بها، ودون الدخول في تفاصيل مملة، فالأزمة الخليجية شأن داخلي أخذ طابع التدويل سواء برغبة بعض الأطراف او بغير رغبة، ولكن المنطقة الخليجية على قدر من الأهمية من ان أزمة بهذا الشكل يمكن ان تحرك القوى العالمية وتجبرها على أن تكون طرفا.
نعم، نهاية الأزمة انفراجة، وهذا الأمر ليس اختياريا لأي طرف من الأطراف، بل هو امر حتمي، سيفرضه الواقع وستفرضه المعطيات على الأرض، وان التراشق الاعلامي ما هو سوى جزء من الأزمة، بل ان التراشق الإعلامي هو الأزمة ذاتها، ولا شيء وراءه او بعده او دونه، الأزمة كلها ستنتهي كما بدأت بشكل مفاجئ وسيعود كل شيء الى ما كان عليه، بل وربما افضل مما كان قبل انطلاق الأزمة.
رغم حدة الخطاب - غير المعهودة بين الخليجيين - فالأزمة لن تأخذ حجما أكبر مما وصلت إليه حدوده القصوى من التراشق الاعلامي وما نتج عنه، بالإضافة الى خسائر مادية محدودة جدا لا تكاد تذكر، وبعدها ستعود الامور الى مجاريها.
ربما يكون هناك نوع من أنواع التصعيد الإعلامي وتعلو النبرة قليلا بين الأطراف ولكنها بأي حال من الأحوال لن تتعدى - رسميا - حدود اللياقة السياسية، خاصة ان التراشق الإعلامي محصور فقط في جهات معينة أدنى من التمثيل السياسي المتوسط، وهو ما يجعلني أؤكد ان الأزمة ولدت لتنتهي، أو بالأصح ولدت لتموت.
ولأننا في الخليج العربي لم نتعود على هذا النوع من التنازعات السياسية العالية النبرة والمكشوفة، لذا وجدت الغالبية ان هذه الأزمة ستكون سببا في انفراط عقد التعاون الخليجي، بل والبعض تشاءم معتقدا او متصورا ان المنطقة على شفا حفرة من حرب، ولكن القراءات المتاحة ومنذ انطلاقة الأزمة وما صاحبها وما تبعها ومن خلال قراءة الخطابات والمؤتمرات والتحركات يجد ان الأمر في حدوده الدنيا وان الإصلاح والتصالح لا يزال ممكنا بل انه هو الطريق الذي ستتخذه الأطراف جميعا.
حتى آخر الأحداث المتعلقة بالأزمة تثبت أن الأزمة ستنتهي كما بدأت فجأة، ربما تطول قليلا عن المتوقع، ولكنها ستنتهي وكأن شيئا لم يكن، وستكون هناك تنازلات تكون هي الطريق نحو نفق المصالحة.
[email protected]