بعد نشر مقالتي الأخيرة أول من أمس والتي أتحدث فيها عن احتمال حل المجلس الحالي، وردني عدد من الاتصالات من أصدقاء ومقربين، ومن بينهم مرشحون محتملون لأي انتخابات قادمة، وكان سؤالهم المشترك هو: «شدراك؟!»، المسألة التي أوضحتها لهم هو أنه أنني لست بساحر ولا متنبئ فيما يتعلق بتحليل السياسة المحلية، بل أقوم بقراءة المعطيات الآنية المتوافرة والحاضرة أمامي، ولا أتحدث بالعواطف، بل أقوم بقياس الأمور بمنطقها البسيط، والتي قد لا يعجبني ما تؤدي له أحيانا ولا يأتي على هواي ما ينتج عنها، فمثلا أنا شخصيا أرى أن المجلس الحالي متوازن وإن كنت أراه يشبه مجلس 2009، بل وأعتقد أنه توأمه الذي لم تلده أمه، ولكن الحقيقة أولا: أن هذا المجلس توجد فيه قنابل نيابية موقوتة يمكن أن «تثور» في وجه الحكومة في أي وقت، وهي بحاجة فقط إلى الصاعق / القضية التي ستفجر المشهد السياسي ما يتسبب في أزمة أو تأزيم يقود إلى طريق مسدود لا يتم فتحه إلا بكتاب عدم تعاون وبالتالي حل ثم الدعوة الى انتخابات مبكرة خلال اقل من 6 أشهر من الآن، صحيح أن الحكومة تمكنت بحنكة سياسية غير مسبوقة من تحييد نواب معارضين عبر استخدام ورقة حل قضية الجناسي، ولكن هناك نوابا معارضين، بل ومعارضين بشدة، لا يزالون خارج نطاق دائرة التحييد تلك، وهم من يمكن أن يقود مشهد الصدام مع الحكومة بداية دور الانعقاد المقبل، وهو ما سيتسبب في الأزمة التي أتحدث عنها وأتوقعها، والتي ستؤدي إلى الحل.
ثانيا: هذا المجلس وإن كان يشبه مجلس 2009 في شكله وتركيبته، إلا أنه ومع تزايد ميله للحكومة بدأ يفقد شعبيته، ليصبح أكثر شبهاً بمجلس 2013 الذي لم يتم حله إلا لأنه كان حكوميا أكثر من اللازم، وفقد شعبيته وطعمه الديموقراطي.
ثالثا: وهو الأهم أن الأجنحة المتصارعة - وكما ذكرت في مقالي بالأمس - لم تضع أوزار حروبها ولا تزال تبحث عن إعادة تغيير المشهد بما يمكن كل منها من توسيع نفوذه السياسي أكثر، خاصة أن هناك جناحا خسر الكثير في تحييد بعض نواب المجلس الحالي من المعارضين.
وإجابتي عن سؤال: «شدراك عن قرب حل المجلس؟!»، لم يخبرني أحد، ولكن هذا هو الواقع وهذه هي المعطيات الآن التي نراها، مجلس يشبه مجلس 2009 بدأ يتحول إلى مجلس 2013، ومجلس لم ينجز في دور انعقاده الأول أي شيء مما وعد به نوابه لناخبيهم، حتما سينتهي به المآل إلى الحل أو السقوط شعبيا كسابقه، والحالتان تشبهان بعضهما، وشرارة قضية صدام واحدة كفيلة بإنهاء حياته القصيرة، ولا ننسى أن هناك رغبة شعبية متنامية بإنهاء حياة هذا المجلس كسابقه.
توضيح الواضح: هناك من يلقي بتوقع حل المجلس في أغسطس المقبل، والحقيقة أنه لا يوجد أدنى مبرر لأن يتم حل المجلس في عطلة برلمانية إلا إذا حصلت معجزة، ونحن نعلم أن زمن المعجزات السياسية لم ينته بعد.
[email protected]