الوضع السياسي الحالي داخليا واقليميا وعالميا ايضا وعلى كافة المستويات افقيا وعموديا لا يحتمل اي مزايدة سياسية من اي نوع، بل لا يحتمل حتى «الغشمرة» السياسية.
في أوقات الرخاء السياسي والهدوء الإقليمي يمكن أن تلعب دور بطل طائفي من اي جهة كنت وتحمل لواء ما تؤمن به او تعتقد انك تؤمن به او حتى تعتقد انه سيلقى قبولا «انتخابيا» لدى طائفتك، بل واعزف على أوتار الطائفية السيمفونية الخامسة لبيتهوفن حتى تقطع أناملك وأنامل من يريد الدخول معك في جدال عقيم الهدف منه لك وله زيادة شعبيتك الانتخابية في تلك المنطقة او تلك الدائرة.
في أيام الرخاء السياسي احمل لواء القبيلة وتحدث وتقوقع بشكل يضمن لك اكبر مساحة من الأصوات لك بين وأمام من تستعرض أمامهم قبليتك، واستحضر ما تشاء واستعن بالشعراء و«الشيلات» وتحول الى بطل قبلي «انتخابي» لا بأس أبدا.
في ايام الرخاء السياسي اخرج مارد فئويتك من قمقمه واستحضر جن العنصرية ان احببت، واعرض نفسك بين الجموع «يمينيا» متطرفا حتى ولو جعلت امام ما تفعله اليمين الفرنسي مجرد فرع بقالة على العبدلي امام سوبر ماركت فئويتك الذي ستعرض فيه بضاعة العنصرية بالتنزيلات، وادخل في جدال مع من شئت ممن تعتبرهم جددا وقادمين متأخرين، و«خذ وخل» من حديث سفسطائي لا يسمن ولا يغني الا من كان فارغا يصدق هراء ما تدعو اليه وتنشره فقط من اجل ان تحصل على أصوات انتخابية من هنا او من هناك.
في ايام الرخاء السياسي، ارفع مقام حزبك السياسي الى عنان السماء واضرب مخالفيك السياسيين بأكذب ما تستطيع من أسلحة وادخل مع مخالفي تيارك بمناظرات علنية، وصور تيارك ورموزه بأنهم المنقذون للبلد وان ما عداهم مخربون متآمرون متخلفون ومخالفون رجعيون.
في ايام الرخاء السياسي، كن طائفيا وكن قبليا وكن متحزبا وكن فئويا وكن متخندقا سياسيا من اجل كسب سياسي انتخابي رخيص، كن كما تريد، وارتد ما شئت وصرح بما تريد، اما في وقت الشدة كالوقت الذي نعيشه اليوم وسط تقلبات سياسية إقليمية حساسة، ومنعطفات أمنية داخلية شديدة الحساسية فكن كويتيا، وأمسك عليك لسانك، فالوقت «كلش ما يتحمل الغشمرة» والوضع الأمني اليوم، ولا اعني هنا أمن الداخلية بل أمن البلد ككل، أمن الشعب، أمن مجتمع بأكمله لا يحتمل إلقاء عود ثقاب رطب، ولا يحتمل الا ان تكون كويتيا قبل كل شيء، وان تضع نصب عينيك بلدك، وان تترك عنك التعصب، والاهم ان يتوقف تجار التكسب الانتخابي عن ممارسة الفوضى الكلامية وتبادل الاتهامات.
والساسة الذين يفترض ان يكونوا هم الأكثر وعيا هم من يجب ان يقدر هذا الامر ويعيه، والوقوف خلف قيادتنا في ظل هذه الظروف ليس خيارا بل هو واجب وطني يفرضه الواقع المحيط.
[email protected]