[email protected]
توطئة: أناس بموتهم ينتهي كل شيء، وأناس بموتهم تولد حياة..
الشيخان الفاضلان د.وليد العلي وفهد الحسيني من تلك الفئة النادرة من الأناس الذين بموتهم تولد حياة جديدة.
***
كيف يمكنك ان تقوم بتعريف وفاة الشيخين الكريمين العلي والحسيني؟! ببساطة شديدة الإجابة على هذا السؤال أنهما سفيران شهيدان، دون اعتبار لمفهوم عقدي او فئوي او طائفي، هما انسانيا شهيدان بكل المقاييس التي تتحقق وفق مفهوم الشهادة، فقد خرجا، رحمهما الله، في سبيل الدعوة الى الله بطريقة انسانية خيرية دون تعقيدات تاركين خلفهما كل الرخاء الذي يمكن ان يتمتع به فيمن هو في مثل حالتيهما في بلدهما الكويت، فالعلي رحمه الله كان إماما للمسجد الكبير، والحسيني كان وكيل نيابة، ومع هذا تركا كل هذا الرخاء الوظيفي خلفهما ورحلا طلبا للأجر في سبيل الدعوة الى الله ونشر العمل الخيري.
***
الحسيني والعلي رحمهما الله برحيلهما المفاجئ والصادم على يد الإرهاب الغادرة وحدا الكويتيين، وتزامن رحيلهما الطاهر مع رحيل نجم الكويت عبدالحسين عبدالرضا، بوفاة الثلاثة قدمت الكويت للعالم درسا حيا ـ رغم فاجعة الموت ـ في التعايش الحقيقي والتسامح بأعلى درجاته، فلجنة خيرية سنية تعلن فتح باب التبرعات لبناء مسجد لأبي عدنان، ولجنة خيرية شيعية تفتح باب التبرعات لبناء مسجد للعلي والحسيني، أي قمة في التعايش هذا الذي قدمته الكويت للعالم بوفاة ثلاثة من نجوم مجتمعها ومن خيرة سفرائها الى الآخرين.
***
بموت الحسيني والعلي ولدت حياة جديدة، حياة من التسامح التي سيظل تأثيرها طويلا وعميقا ليس في المجتمع الكويتي فقط بل في مجتمعات المنطقة.
***
ولأكون صادقا نحن لسنا شعبا مثاليا ولا ملائكيا، ولكن تلك المحفزات العنصرية القبلية والطائفية والفئوية لا تظهر إلا في أيام الانتخابات، وتلك عنصرية بطعم الفزعة وليست عنصرية نقية، لذا تموت وتختفي وتتلاشى حالما تخرج نتائج الانتخابات.
***
الشيخان الشهيدان، رحلا ليقدما لنا فصلا جديدا نقيا من حياة من التعايش.
***
هكذا هم النادرون من نخبة المجتمع الذين نذروا حياتهم لخدمة الناس دون ان يطالبوا او يبحثوا عن مقابل، بموتهم تولد حياة جديدة.
***
عجزت الدولة وعجزت اجهزتها لسنوات في رأب صدع الفرقة بين بعض مكونات المجتمع او وقف الهذر الالكتروني الطائفي، ثم يرحل شيخان في حادث مؤسف وقبلهما يرحل نجم كبير وفي فاصل زمني لا يتعدى اليومين يتم رأب الصدع وتعود شمس التعايش الى السطوع بشكل حقيقي.
***
توضيح الواضح: خالص العزاء للزميل العزيز والأخ الكريم ماجد العلي رئيس تحرير «الراي» في وفاة أخيه د.وليد العلي، وخالص العزاء لأسرة الشيخ فهد الحسيني، وأسكنهما الله فسيح جناته وكتبهما مع الصديقين والشهداء.