لعقود ومنذ بداية دولة المؤسسات الكويتية الحديثة بعد الاستقلال والوزير لدينا يحتفظ بصورة نمطية برستيجية في أذهان الشعب، فالوزير في أذهاننا كصورة يصدرها لنا الإعلام وصدقناها واعتبرناها حقيقة ثابتة انه عبارة عن بشت ووجه مسموت وعيون «طايره» ومجموعة تصريحات سياسية وشخصية عامة لا يجب ان تضحك أو تبتسم، لسنوات والوزير في انظارنا حتى كصحافيين كنا قريبين منهم بحكم عملنا ولقاءاتنا اليومية معهم في مجلس الأمة انهم شخصيات يجب أن نتعامل معها بشيء من الحذر البروتوكولي المشوب بالهيبة.
وحده كان الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح هو من كسر هذه القاعدة، كوزير واحد أبناء الأسرة ومن الصف الأول منها، فكسر قالب الصورة النمطية للوزير المتزمت الشديد وهبط بشخصية الوزير الى الأرض تواضعا واكثر قربا من الناس.
عير «تويتر» كان محمد العبدالله - حفيد أسد الجزيرة - أول الوزراء تواصلا مع الجمهور والمغردين وتفاعلا معهم ومع رسائلهم له، يومها كان هذا التحول في أذهان الناس لوزير يتجاوب ويرد ويتفاعل ويغرد كأنه جزء منهم، الى درجة أن كثيرين نسوا انه وزير بل نسوا انه شيخ وجعلوه في مرمى ميانتهم في تغريداتهم له.
بعدها وبأقل من عام بدأ يظهر في مقاطع فيديوهات مصورة تظهره كإنسان وكمواطن أولا وكأب يمازح أبناءه ويتغشمر معاهم، وهو ما لم نتعوده من أي وزير قبله والذي لم يكن يظهر منهم الا عبر الاعلام الرسمي او وسيلة اعلامية رصينة تظهره رصينا وبكثير من الرتوش البروتوكولية، والعبدالله كسر الروتين المطروح في اذهاننا عن الوزراء وصورة الوزير المعتادة بل أعاد تصدير صورة الوزير كإنسان وكمواطن وكأب حاله حال اي مواطن لا يفرقه عنهم الا انه يحمل رتبة سياسية في البلد، فخرج في لقاءات صحافية في مجلات متخصصة وهو يرتدي اكسسوارات شبابية كالأساور الجلدية والساعات على الموضة، يومها اذكر أن المتأثرين وأسرى الصورة النمطية للوزير في أذهاننا ككويتيين هاجموه وانتقدوه بل بالغوا في نقده، وليتهم انتقدوه على تجاوز له في أي من الوزارات التي تولاها أو فساد مالي لأي من قيادييه، ولكنهم انتقدوا تصرفه الذي رأوا فيه كسرا لهيبة السلطة وهيبة المنصب، وهم أنفسهم من دعوا الوزراء قبله وبعده لأن ينزلوا الى الشارع وأن يتواضعوا ليشعروا بالناس وهمومهم، رغم أن ما فعله العبدالله في تصرفاته التي انتقدوها هو نزول وزير من برج الوزراء العاجي الى ارض رجل الشارع العادي.
الشيخ محمد العبدالله برأيي هو أول وزير يفتح باب تقريب الوزير من الناس وخاصة التقرب من طبقة الشباب، الشباب الذين يرون - وبسبب ما فعله ويفعله - انه ممثلهم في الوزارة بغض النظر عما إذا كان من أبناء الأسرة أو من غيرهم فهم يرونه مواطنا قبل أن يروه شيخا.
ما فعله محمد العبدالله هو انه كسر القالب البروتوكولي النمطي للوزراء بشكل جعل الحكومة أقرب للناس، وهذا الأمر لم تفعله أي من الحكومات المتعاقبة السابقة في تاريخها.
هذا ليس مديحا للوزير العبدالله بقدر ما هو عرض لما فعله العبدالله في ثقافتنا السياسية بشكل جميل ومقدر من كثيرين.
يجب أن أضيف أن محمد العبدالله ومنذ ثقة القيادة السياسية به وهو قادر على ملء فراغ كل منصب أنيط به وتولاه، وقادر على اداء عمله الموكل اليه بشكل جيد، وما ذكرته ايضا لا يعني ان العبدالله بعيد عن سهام النقد المستحق له أو للحكومة التي يمثلها لو أخطأ أو أخطأت في أي قرار أو تصرف أو مشروع، ولا يعني انه ولا الحكومة التي يعتبر جزءا منها فوق النقد، كل ما ذكرته أن العبدالله هو رائد كسر قالب الصورة النمطية للوزراء الشيوخ، وهذا ليس مديحا بقدر ما هو عرض لواقع وجدت أن أحدا لم يوثقه كتابيا قبلي[email protected]