[email protected]
خلال الحرب العالمية الثانية أنتجت الآلات الإعلامية لكل من الأطراف في تلك الحرب الكونية- التي أدت إلى قتل الملايين- أفلاما وبرامج يمكن لأي شخص العودة لها في اليوتيوب، ويرى حملات الشيطنة التي طالت شعوب كل تلك الدول ووصل الأمر إلى تحقيرهم بل وازدراء مقدساتهم الثقافية والدينية، وقام الإعلام السينمائي الأميركي بلعب دور رئيسي في خلق صور نمطية مسيئة للألمان واليابانيين لا يزال تأثيرها مستمرا على أذهان الأميركيين.
وفي حقبة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي حصل ذات الشحن الإعلامي وان كانت الغلبة الإعلامية للأميركان والبريطانيين فحتى في اكثر سلاسل الأفلام شعبية عالميا تم استخدام قصصها للإساءة للشعب السوفييتي.
كل تلك الأفلام ومنها أفلام كارتونية شهيرة أنتجتها ديزني تم استخدامها للإساءة لكل دولة او شعب اعتبر في فترة من الفترات عدوا للولايات المتحدة الأميركية.
اليوم تصنف الولايات المتحدة الأميركية اغلب تلك الأفلام والوثائقيات الموجهة ضد أعدائها بالأمس تحت قائمة الممنوع من العرض على أي تلفاز أو قناة تبث وطنيا أو محليا باعتبارها أعمالا تحوي مواد وعبارات وإشارات عنصرية تجاه شعوب أو أعراق أو ديانات، إذ إن عرضها اليوم يعتبر تبنيا لها أو إقرارا بما فيها بشكل رسمي، ومن تلك الأفلام ما أنتجته شركات كبرى كوورنر براذرز وكولومبيا من بين ما اعتبر أفلاما دعائية مضادة، ومشاهدتها اليوم تبعث على السخرية منها وممن ابتكرها، ولكن هذا لا يعني أنها لم تؤد غرضها في وقتها لتوجيه الجماهير لكراهية العدو.
ولكنها وبعد انتهاء الحرب انتهى غرضها وأصبحت ذاكرة أرشيفية إعلامية سيئة يحاول الجميع تناسيها.
في الوطن العربي للأسف ان استخدام الدعاية الإعلامية بين المختلفين يتبع ذات الأسلوب الإعلامي الذي تحدثت عنه والذي يعود استخدامه إلى نحو 100 عام مع ثورة إعلام الصحافة الورقية والتليغرام والراديو والهاتف، تماما كما يحدث معنا اليوم في الوطن العربي من استغلال ثورة وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات لذات الغرض.
وللأسف ان مشكلتنا ليست في استخدام أسلوب البروباغاندا العدائية الساذجة السطحية كما استخدمها الغرب في حربيه الكونيتين بداية القرن الماضي، ولكن المشكلة ان لدينا صورا نمطية جاهزة نحفظها ضد بعضنا البعض ليست بحاجة إلا لمن يشعلها ويمنحها منبرا أو ساحة حرب إعلامية كما يحصل في منصات التواصل الاجتماعي اليوم لتخرج على السطح بهذا الشكل المقرف القميء الرخيص، بل الأكثر كارثية ان لدينا مخزونا خفيا من الكراهية العرقية المناطقية المذهبية تم استغلاله في تلك الحرب الإلكترونية المقدسة.
الرهان هو على وعي المتلقي العربي الذي سيكون في النهاية حكم إيقاف هذا الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي الحديث في أسلوب دعائي رخيص عمره ١٠٠ عام.