صرح الشيخ محمد العبدالله بأن «ثقة المواطن بالحكومة شبه معدومة»، وما ان خرج تصريحه الى العلن حتى طار كثير من مستخدمي التواصل الاجتماعي بهذا التصريح ومبدأ تفسيرهم للتصريح ان الحكومة ليست اهلا للثقة وذلك بحسب فهمهم للتصريح الذي أطلقه العبدالله.
في الحقيقة أنه منطقيا ولغويا العبدالله لم يقل ان الحكومة ليست أهلا للثقة، ولم يقل إن الحكومة التي هو احد أعضائها غير جديرة بالثقة.
وللتقريب أكثر، عندما تقول «لا أعتقد ان فلانا يثق بي» وهذا لا يعني انك تقر عن نفسك بأنك غير أهل للثقة، لا يمكن لأحد ان يقول عن نفسه هذا الشيء، بل انت تقول ان هناك أزمة ثقة بيني وبين فلان، فالمشكلة في ثقة فلان بك، فليست المشكلة فيه ولا فيك، بل في رابط بينكما وهو الثقة.
الشيخ محمد العبدالله صرح بحالة عامة وهي أزمة الثقة التي يعاني منها مواطنو دول العالم مع حكوماتهم، وخص بلده بها.
لذا هو لم يقل ما يسيء لا إلى الحكومة التي هو جزء منها ولم يصرح بشيء مفاجئ لا نعرفه، بل انه كان صادقا فالمواطن هنا او حتى في أميركا لا يثق في الحكومة ولا في اجراءاتها ولا مؤسساتها فدائما ما تكون هناك سحابة شك تحوم حول اي اجراء حكومي من اي نوع وعلى اي مستوى، ودائما ما يتوجس المواطن خيفة من اي قرار تتخذه الحكومة، فمثلا لو خرجت الحكومة علينا بتصريح انها ستزيد الرواتب بنسبة 100% فلن نصدقها، وحتى وان صدقت وطبقت ما وعدت به وزادت الرواتب، كما أعلنت، فأيضا سيتملكنا الشك وسنتساءل عن سر هذا الكرم الحاتمي غير المعهود وسنقول: «الحكومة لا تعطي شيئا لله، لابد أن وراء القرار مصيبة او انهم يخفون ما هو اكبر».
فكرة ان الحكومة تتآمر على المواطنين هي فكرة مزروعة في رأس كل مواطن في جميع دول العالم طبعا بدرجات متفاوتة، هناك من لا يثق بها بنسبة 50% وهناك من تنعدم ثقته الى ما دون الـ 10%، اما هنا نحن في الكويت فلا نثق بأي شيء حكومي سوى الراتب.
كما قلت هي أزمة ثقة، نتيجة تراكمات تجارب طوال سنوات، وللأمانة الحكومات الثلاث السابقة وخاصة الحكومة الحالية بشكل خاص قدمت إنجازات ملموسة من تطوير في الطرق والمستشفيات وتسريع وتيرة المشاريع وتطوير هائل للخدمات في وزارات التجار والبلدية والعدل والإسكان، ولكن هكذا نحن لا نثق بالحكومة ليس لأننا لا تصدقها بل لأننا لا نريد ان نصدقها.
توضيح الواضح: 95% من الشعب يعمل في الحكومة، ومع هذا الشعب لا يثق بها، هذه معادلة صعبة جدا لا يمكن لأي محلل سياسي ولا عالم اجتماع ان يفك لغزها.
[email protected]