لا أعلم أحدا طبق مفهوم الشراكة المجتمعية السياسية الحقيقية بشكلها التعريفي الكامل خلال السنوات العشر الأخيرة سوى ديوان النائب السابق أحمد خليفة الشحومي، والذي أطلق مبادرة «الأمة مصدر السلطات»، وتهدف تلك المبادرة الرائدة لان تكون الأسئلة البرلمانية انطلاقا من نواة التجمعات الكويتية المؤثرة ألا وهي الديوانية لتكون حلقة وصل بين صوت المواطن والنائب.
وكانت باكورة تفعيل هذا المبادرة أو الشراكة المجتمعية هي حزمة أسئلة برلمانية تقدم بها العضو السابق المحامي أحمد الشحومي الى وزير التجارة حول جهاز حماية المنافسة، ولا ادل على نجاح تلك المبادرة منذ سؤالها الأول وهي التي لم يمض على انطلاقها سوى أسبوعين إلا تبني النائب وليد الطبطبائي لسؤال الشحومي، ليتحول من سؤال مشروع مستحق من ديوانية كويتية إلى سؤال برلماني يأخذ دوره في الإدراج في الأمانة العامة لمجلس الأمة ليتم إرساله إلى الوزير بانتظار الإجابة عليه بشكل دستوري واضح.
***
وبينما كانت كثير من مبادرات الدواوين التي قدمت بالسابق على شكل بيانات او نداءات سياسية ويمكن اعتبارها أيضا جزءا من الشراكة المجتمعية السياسية الا انها في الحقيقة كانت مجرد بيانات سياسية ودعوات في مناسبة سياسية معينة وفي وقت محدد ولغرض محدد وتتوقف بعدها تلك الدواوين عن المشاركة والاستمرار في دورها التوعوي السياسي، أو إصدار البيانات.
***
ولكن المبادرة التي أطلقها النائب أحمد الشحومي تحمل أولا نفس الاستمرارية ما يجعلها تمثيلا حقيقيا حيا مستمرا لمفهوم الشراكة المجتمعية السياسية، بل وتحوي تفعيلا حيا لدور الديوانية بربطها ككيان يجتمع فيه جزء من المواطنين بصناع القرار، والدليل تبني نائب حالي لأول سؤال اطلق باكورة نشاط مبادرة «الأمة مصدر السلطات».
***
الأمر الأهم هنا أن باب تقديم الأسئلة مفتوح لجميع أهل الكويت ومن أي نوع كان وبأي وزير أو جهة حكومية، ما يجعل المبادرة بعيدة عن شبهة التسييس او التحزب أو الاصطفاف مع طرف ضد آخر، وهذا ما يمنح المبادرة ومطلقها ومقرها مصداقية يوضح أن الهدف منها الإصلاح بالدرجة الأولى، وتفعيل دور الدواوين كونها شريكا رئيسيا في صناعة القرار الرسمي، وهو ما يعيد للديوانيات شيئا من دورها الذي افتقدته بشكل جزئي خلال العقد الماضي.
***
المبادرة مفتوحة للجميع ليقدموا ما يشاءون من أسئلة لمسؤولين ووزراء وجهات، واعتقد أن هذا المبادرة ستلقى نجاحا شعبيا واسعا ليس فقط في محيط المنطقة ولا الدائرة التي يقع فيها ديوان الشحومي بل في الكويت كلها، واعتقد كذلك انها ستكون نواة لمبادرات اخرى على ذات الشاكلة بنفس اصلاحي وطني غير متحزب او مصطف او منتمي لأي تيار.
***
هذه المبادرة اعتقد ستعطي شكلا جديدا للتعاطي مع الشراكة المجتمعية السياسية، وستفتح آفاقا أخرى للنواب للتواصل مع الناخبين من كل الشرائح، وعلى الأقل ستوفر للنواب مادة دسمة من الأسئلة والاقتراحات بتعديل قوانين أو الاقتراحات بقوانين، بدلا من أن يأخذ بعض النواب أسئلة ومقترحات قوانين قديمة ويضعون أسماءهم عليها، ستفتح لهم المبادرة مغارة من الأسئلة الإصلاحية والمقترحات بتعديلات وقوانين لم يكونوا ليحلموا بها.
***
توضيح الواضح: شكرا النائب السابق أحمد الشحومي وشكرا لديوان الشحومي على هذه المبادرة التي أعادت شيئا من دور الدواوين بشكل عملي محترم.
[email protected]