عنوان هذه المقالة مأخوذ من وقائع الكشوفات التي أرسلتها وزارة الشؤون إلى بعض الجمعيات التي طلبت بموجبها تعيين كويتيين وكويتيات الواردة أسماؤهم في تلك الكشوفات بهدف ما أسمته الوزارة الدفع باتجاه «تكويت» الجمعيات التعاونية.
من بين 400 كويتي تم ترشيحهم للعمل في بعض تلك الجمعيات التعاونية مواطنة ورد اسمها في الكشف ومقابل خانة المهنة المطلوب تعيينها فيها (العمل: سائق).
***
قلنا لكم تكويت بس «مو چذي»، إن اغلب المرشحين للعمل من الكويتيين من الإناث والوظائف المعروضة عليهن «كاشيرة» و«بائعة» و«مسؤولة مخزن»، وهذا لا يسمى «تكويت» بل يسمى تعجيزا، أو يسمى إبراء للذمة الحكومية ليقولوا لنا «والله وفرنا وظائف لعيالكم بس عيالكم ما يبون».
لا يا سادة أنتم هكذا لا تبرئون ذمتكم، بل تطرحون وظيفة تعلمون جيدا أنه يستحيل قبولها على أرض الواقع.
***
بعدين، مهنة سائق في أي جمعية أو وزارة أو قطاع خدمي تتطلب أن يكون شاغل الوظيفة قد حصل على رخصة عامة، وهذا شرط أساسي، فهل تلك المواطنة المرشحة لمهنة «سائق» تملك رخصة عامة؟!، شخصيا لا أعتقد، ولا أظن.
***
حسنا، لم رشحتموها لتشغل هذه الوظيفة التي لا تملك مؤهلاتها تلك المواطنة؟ وكذلك تم ترشيح مواطنات للعمل «كاشيرات»، أيضا وكما تقولون ونقول وتؤمنون ونؤمن أن العمل مو عيب، والعمل الشريف لا يعيب، ولن أقول أن نظرة المجتمع لـ«تأنيث» مهنة كاشير الجمعية لا تزال نظرة مستحيلة القبول، ولكن أيا من تلك المرشحات لمهنة «كاشيرة» لا تملك دورة في هذا المجال المالي أو حتى أدنى فكرة.
***
المشكلة ان بعض المسؤولين أو حتى بعضا ممن علقوا على خبر رفض كويتيين وكويتيات للوظائف المعروضة عليهم في الجمعيات قالوا إن: «الكويتيين يتشرطون» أو «الكويتيون ما يبون الشغل»، أو «الكويتيون ما يصلحون للعمل في الجمعيات»، وهذا حكم قاصر، فالكويتيون لا يرفضون العمل، ولكن شريطة أن يكون العمل متطابقا مع واقع نظرة المجتمع، وهو الواقع الذي لم ترعه أي من تلك الترشيحات التي كان اغلبها مستحيل التطبيق على ارض الواقع.
***
أيضا، لِماذا يبدأ «التكويت» بمهنة سائق أو سائقة أو كاشير أو كاشيرة؟!، لماذا لا يبدأ التكويت من اعلى هرم الجمعيات التعاونية كالشؤون الإدارية والإدارة بشكل عام والمحاسبة وإدارات الفروع ثم بعدها يبدأ تدريجيا تكويت المهن الثانية، فأنت هنا تفرض واقعا جديدا بعد ان تقوم بتكويت الادارة، وذلك الواقع الجديد هذا هو ما سيفتح باب تغيير نظرة المجتمع لقبول مهنة كاشير أو كاشيرة.
***
الحكومة لا يجب أبدا أن تدعي أنها فتحت باب الوظائف للكويتيين في الجمعيات وهي تقدم وظائف مستحيلة القبول طبقا للواقع المجتمعي الحالي، أعني مراعاة النظرة المجتمعية لابد وان يكون على الأقل في حدوده الدنيا لعرض تلك الوظائف.
***
أكرر الشغل «مو عيب» ولا توجد مهنة أدنى من الأخرى، ولكن التكويت يجب أن يبدأ من المهن الإدارية والتنفيذية في الجمعيات، هذا أولا، ثانيا يجب ان تراعى الطبيعة المجتمعية على الأقل في السنوات الحالية، سنوات الترف، أو سنوات الرفاه، وبعدها يمكن أن تتغير نظرة المجتمع في قبول بناتهم بتلك الوظائف، ولكن هذا ما لم ترعه بعض تلك الترشيحات، والا كويتية «سائقة» مخزن في الجمعية، وهي لا تملك رخصة عامة.
***
على الحكومة ان تعيد خطة تطبيق التكويت في الجمعيات بما يتلاءم مع ارض الواقع، اما جمع الأسماء لطالبي الوظائف ثم رميها بكشوفات في الجمعيات دون اعتبارات النظرة المجتمعية أو التدرج في مراكز إحلال الكويتيين، فهذه خطة تسجل فشلها قبل ان تطبق، بل تتسبب بشلل الجمعيات التعاونية، والتي يمنع عنها توظيف غير الكويتيين وإلزامهم بقبول بمن ارسل لهم من كويتيين، والغريب ان الجمعيات تقبل وترحب ولكن المرشحين يرفضون للأسباب التي ذكرتها في مقالي، فلا ألوم رافض الوظيفة ولا ألوم الجمعيات التعاونية.
[email protected]