مد ديموقراطيتك على قد رجليك.
****
يجب ان يكون هذا هو المثل السياسي الاول الذي ننطلق منه لقياس اي وضع او حالة سياسية نعيشها، ليس في الكويت فقط، بل في عالمنا العربي كله.
****
البعض وبمقابلة زائدة عن الحد يريد ان نشارك في ماراثونات ديموقراطيات العالم الاول، ونحن لا نزال نتعلم المشي الديموقراطي، ليس الامر انتقاصا من ديموقراطيتنا، ولكننا ورغم ان ولادات الديموقراطيات الاولى لدينا تعود الى منتصف القرن الماضي، الا ان أغلبنا يتعامل مع الديموقراطية كوسيلة لا كغاية، لذا تتعطل ديموقراطيتنا وكأنها سيارة قديمة «بلا بيمة» اما لسوء استعمالنا لها او لإساءة استخدام الحكومات لها، وفي الحالتين الطرفان شريكان في جريمة اتلاف الحلم العربي الديموقراطي.
****
نعم، الديموقراطية لدينا وسيلة للوصول، اما لكرسي او لتوسيع نفوذ او للسيطرة او لفرض رأي سياسي، وليست ابدا غاية نهدف للوصول اليها لتطوير البلد او تحسين معيشة الناس والارتقاء بهم، هذه حقيقة ماثلة تقف أمامنا كل انتخابات تحدث، احيانا تكون مركبا للنافذين، واحيانا مطية للفئويين، وتارة ناقة تسعى بها القبيلة للحفاظ على كرسيها، وتارة اخرى منبرا يصل بها الطائفيون الى حيث يريدون.
****
ديموقراطية الغربيين لها شكل واحد ذلك انهم يرونها هدفا يسعون للوصول اليه من اجل الحفاظ على مكتسبات وزيادة المكتسبات، بل انهم يرونها اسلوب حياة، اما ديموقراطيتنا فلها أشكال متعددة واستخدامات شتى، نتوكأ عليها ولنا فيها مآرب أخرى.
****
ديموقراطيتهم أصيلة وجزء يشكل ثقافتهم، ونحن نشكل ديموقراطيتنا بحسب ثقافة كل منا.
وكأننا نقول: «ديموقراطيتنا وبكيفنا».
مشكلتنا ان الديموقراطية جزء من ثقافتنا، وليست أصل ثقافتنا كما يتعامل معها وبها الغربيون، بل ونراها جزءا «مستحدثا» نستخدمه فقط حينما نجد فيها مصلحة خاصة او عامة، ونعطلها ونرفضها اذا ما تعارض- ولو جزء منها- من حقيقة واقع لا نريده اما لسبب طائفي او فئوي او حزبي.
****
لسنا سيئين، ولا الديموقراطية سيئة، ولكننا حتى الآن نعتبرها بدعة ليست محرمة ولكنها مكروهة غالبا.
لهذه الأسباب نجد الدول العربية التي عادت اليها الديموقراطية بعد عقود من الديكتاتورية انتشر فيها الفساد السياسي والمالي والاداري انتشار النار في الهشيم، واندلعت فيها الحروب الأهلية، والغريب بل والمثير للسخرية ان «الديموقراطية» استخدمت سلاحاً في تلك الحروب مثلها مثل «الآر بي جي» و«الكلاشينكوف» والاحزمة الناسفة.
هذا ليس لان الديموقراطية سيئة بل لاننا نرى انها وسيلة لنهزم بها شريكنا الآخر في الوطن ونستخدمها لإقصاء الآخر والتشكيك بالآخر وضرب الآخر «وكله بالديموقراطية يا باشا»، هكذا نراها وسيلة فقط لا اكثر ولا اقل، احيانا نعتبرها وسيلة نقل عام نشترك جميعا بها، وأحيانا وسيلة نقل خاص لا تصلح الا لفئة واحيانا للايجار واحيانا للكشخة واحيانا... للقتل.
****
العالم كله يعلم ان الديموقراطيات في العالم العربي اما عرجاء «كما لدينا في الكويت كونها بلا احزاب» وان كانت افضل ماركة ديموقراطية عربية حتى الان، او ديموقراطية محاصصة او مزيفة او مشوهة او مشلولة.
****
عموما، قليل من الديموقراطية خير من اختفائها على الاطلاق، وديموقراطية عرجاء كديموقراطيتنا افضل مليون مرة من لا ديموقراطية.
****
والديموقراطية لدينا في الكويت رغم العثرات تتطور وان كان بشكل بطيء ولكن ولأن الوعي العام اصبح اكثر إدراكا لذا هي تتطور عاماً بعد عام.
[email protected]