«كل الطرق تؤدي إلى السياسة» أو بالأصح «كل الطرق تأتي من السياسة» كيفما قرأت هذه الجملة في الكويت ستكون صحيحة 100%، فالرياضة سياسة والفن كذلك وحتى النقابات العمالية بل وتعيينات الكفاءات في وزارات الصحة والشؤون والأشغال والمواصلات ومع ذلك كل تعيينات الضباط وترقياتهم بل واختيارهم، ومعها درجات الاختيار التي لا يخلو نصفها من رائحة شواء سياسية قدمها نائب لعدد من مفاتيحه وناخبيه وذلك في جميع الدوائر الحكومية بلا استثناء وتعيين المستشارين والنقل والندب والتكليف كلها تأتي من رحم السياسة، كل شيء هنا تم تسييسه حتى النخاع.
ومع الاستجوابات تتضح صورة تحويل كل شيء في البلد إلى سياسة بدءا من فتح تراخيص تجارية مغلقة وقرارات التحويل إلى استثماري إلى علاج في الخارج مرورا بتعيين مدراء ومراقبين ورؤساء أقسام ونقل وندب وتثبيت بل حتى ديبلوماسيين وانتهاء بإرساء ممارسات ومناقصات وتخصيص أراض.
فمع الاستجوابات تتحول البلد إلى ما يشبه البازار الذي يباع فيه كل شيء ولأي شيء ومن أجل أي شيء، والبائع معروف والمشترون معروفون ولا رصيد لهم سوى صوت أو موقف حول أي من تلك الاستجوابات فللامتناع ثمن وللغياب ثمن وللتصويت ثمن وللتصدي للاستجواب ثمن أغلى من كل تلك الأثمان.
المستجوبون بريئون براءة الذئب من هذا التحول، فالحكومة التي تتصدى لتلك الاستجوابات هي المسؤولة عن هذا التحول «البازاري» التي ما ان ينطلق استجواب حتى يبدأ سدنتها بفتح خزائن خدماتها على مصراعيها للموالين أو لمن ترغب في كسب ولاءاتهم.
وأمامنا تقريبا أسبوعان قبل انطلاق ماراثون الاستجواب الأول وخلالهما ستسمعون عن تعيينات مدراء جدد وربما أكثر وصفقات مالية وترسيات ممارسات وترقيات ونقل وندب ودرجات بالاختيار وكمية مهولة من معاملات العلاج في الخارج ووعود بالتعيين وتغيير وقرارات أخرى قد تبدو للوهلة الأولى أنها بعيدة كل البعد عن دائرة الاستجواب إلا أنها في حقيقة الأمر ما كانت هذه القرارات لتصدر لولا الاستجواب.
أغرب ما يمكن أن يحصل هو أن تقوم وزارة ما باستحداث قطاع جديد بالكامل لم يكن موجودا في هيكليتها سابقا ومن ثم تبدأ بتسكين جميع المسميات الوظيفية به بناء على توصيات من صوت معها وهذا ما ستسمعون عنه قريبا.
[email protected]