الاستجواب ولا شك حق، ولكنه أحيانا يكون حقا يراد به رأس الوزير، أو ما هو أكبر من مجرد رأس وزير، وكل استجواب أعلن أو قدم أو نوقش وانتهى إلى ما انتهى إليه دائما ما يكون وراء اكمته ما وراءها، وأقول دائما، لان هذا ما تكشفه كل القراءات التحليلية التي أعقبت كل استجواب، نعم هناك استجوابات الهدف منها الإصلاح وتؤدي إلى الطريق الإصلاحي ولكنها قلة.
***
استجواب سلمان الحمود مثلا كان الهدف منه شخص الوزير، ومهما قلبنا أوراق الاستجواب ومضبطة مجلس الأمة والحملة الإعلامية التي سبقت الاستجواب وصاحبت مناقشة الاستجواب كان الهدف منها الإطاحة بالوزير، وظروف استجواب الحمود كانت معقدة واستثنائية أو لنقل إنها كانت طبيعية حتى الساعة الثالثة من بدء مناقشة الاستجواب عندما تغيرت التحالفات فجأة وشهدت الجلسة حادثة «نيران صديقة» متعمدة ضد الوزير، ويوما ما سأقوم بتفصيلها بشكل دقيق، فلا هو كوزير يستحق الاستجواب ولا محاور الاستجواب كانت ترقى للإطاحة حتى بمدير مكتبه، وكل المحاور التي قدمت وفيها ملاحظات موجودة في كل الوزارات، ولكن أحدا ما لم يسأل: «اشمعنى سلمان؟!»
***
هذا الأسبوع سيبحث استجواب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله وسيكون بذات الطريقة، أو على الأقل سيجر إلى هذا الطريق، كما أتوقع، والمؤشرات كلها حتى الآن تدل على أن الاستجواب سيناقش في ظل ضمان الحكومة لأغلبية مريحة لعبور الاستجواب، والواضح ألا وجود لاحتمالية حصول حادثة «نيران صديقة».
***
ولكن، بإعادة قراءة محاور الاستجواب سنجد أن هناك بصمات غير برلمانية واضحة على بعض المحاور، وإعادة لتكرار إثارة قضايا سبق إثارتها وانتهت دستوريا إلى عدم مسؤولية الوزير عنها، ومع هذا تعود كمحور اليوم، ليثبت لنا هنا أن جزءا من المحاور استهداف شخصي.
***
والإعادة، الاستجواب حق للنائب ولا يمكن لعاقل أن يصادر حق النائبين الكندري والعدساني في استجواب من يشاءان، ونحن معهما لو استجوبا وزيرا كل أسبوعين، فهذا جزء من دورهما الرقابي ولا يمكن بأي حال من الأحوال اتهامهما بالتعسف في استخدام هذا الحق الدستوري الخالص، ولكن هناك ملاحظتين هامتين على هذا الاستجواب تحديدا، أولا أن توقيت الاستجواب وإدراجه في الجلسة الافتتاحية غريب جدا، إذ انه سيتسبب بترحيل قضية شعبية مهمة يفترض ان يناقشها المجلس في أول أسبوع له وهي قضية تخفيض سن التقاعد، ولكن وبسبب دخول الاستجواب المفاجئ ستتأخر مناقشة هذه القضية الشعبية لأكثر من شهر، ذلك اذا ما دخل الاستجواب دورته الدستورية من مناقشة وبحث وطرح.
ثانيا: سيعقب هذا الاستجواب استجواب محتمل لوزيرة الشؤون وربما ثالث لوزير آخر ما يعني ان ندخل في دوامة استجوابات، ستؤدي إلى تعطيل بحث قضايا شعبية بتعديلات قوانين، وكذلك تعطيل إقرار تشريعات جديدة، والاهم أن الاستجوابات ستصبح- وهو ما لا نتمناه- «عصي» توضع في دواليب التشريع الذي تعطل تماما في دور الانعقاد الأول.
***
توضيح الواضح: بوصلة الأولويات البرلمانية معطلة تماما للأسف.
[email protected]