اعتقد أننا الشعب الأكثر تحويلا للاختراعات والابتكارات الجديدة، إلى ما يتواءم ويتلاءم مع ثقافتنا، فقبل سنوات في بداية الألفين ظهر جهاز منزلي كهربائي نصف كروي لتصنيع الفشار «النفيش» ولم يرق للمستهلك الكويتي أو يجد رواجا، بينما كان نفس الجهاز قد وجد رواجا في أميركا وأوروبا، وذلك لان ثقافتنا تعتمد على أننا نشتري «النفيش» جاهزا في أكياس ولا نصنعه في منازلنا كما يفعل «أبناء بني يغرب».
***
تاجر كويتي استطاع أن يحول نفس الجهاز من جهاز لا يلقى رواجا إلى جهاز يطلبه الجميع في الكويت، وذلك باستخدام خدعة بسيطة هو انه أعاد استيراد نفس الجهاز الذي رفضناه وكتب عليه «محمصة قهوة عربية»، يومها اصبح هذا الجهاز حديث الجميع وانتشر في جميع الأسواق، حتى اصبح حديثا عاما لذلك الجهاز الكهربائي العجيب الذي يحمص لك القهوة العربية بالدرجة التي تريدها رغم انه أصلا تم ابتكاره وتصنيعه من اجل صنع الفشار.
***
برامج وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وضعت أصلا وتم ابتكارها في الأساس من اجل الاسم الذي تحمله وهو التواصل الاجتماعي، ولكن نحن في الكويت كان لنا رأي آخر، وكان لنا استخدام آخر مختلف تماما عما تفتق عنه ذهن مبتكريها ومبرمجيها، فقررنا بثقافة منا أن نحولها إلى وسائل تواصل سياسي، بل ووسائل تواصل سياسي من النوع الثقيل جدا، وهذا ما كان فتحول «تويتر» إلى منابر سياسية، بل تجارة سياسية، يستخدمها الأقطاب والكتل السياسية والمرشحون في ترويج أفكارهم وضرب خصومهم، بل انه وبسبب تحول وسائل التواصل إلى سياسية ولدت سوق سوداء لترويج الأخبار وبيع التغريدات لمن يدفع اكثر ولمن يريد أن يلمع نفسه اكثر بين الجمهور، فأصبح تويتر سوقا إعلانية مفتوحة للساسة، وسوقا أيضا للهجوم على الخصوم السياسيين، وسوقا لبيع ما يريدون من أفكار أو صور يريدون تصديرها إلى الشارع!
***
الكل يعي هذه الحقيقة، ولكن لا احد يصرح بها أو عنها أو يحذر منها، فالمستفيدون كثر، من كل الأطراف، وزراء ونافذون متنفذون يشترون مساحات تغريد لتلميع صورهم أو مهاجمة خصومهم، جزء من حرب استخدمت في منصات التواصل الاجتماعي كمنصات مدح أو ذم أو تمرير معلومة خاطئة لجس نبض الشارع، منظومات كاملة تدير مشهدا إعلاميا من خلف الستار، سوق سوداء يعلم عن أمرها الكثير ولا يتناولونها بالحديث أو حتى التصريح.
***
توضيح الواضح: ولأن بعض الجماعة السياسيين «جايز لهم» الموضوع.. ساكتين.
***
توضيح الأوضح: بالمناسبة الآن الكل يعرف يقينا من يغرد لصالح من، فالأمر لم يعد سرا.
[email protected]