أن يكون حضورك «التويتري» كمسؤول جيدا أو رائعا أو حتى فوق الرائع، لا يعني انك حقا تقوم بإنجاز شيء على أرض الواقع، فعملك كله صور ومجموعة تغريدات تهتف باسمك، أما على الأرض فلم تنجز شيئا او تصلح شيئا على الأقل ليس بحجم ظهورك الإعلامي الخيالي، وكل ما فعلته انك فلقت أدمغتنا بجوقة مطبلين افتراضيين في زمن يباع فيه كل حرف بدينار.
****
البعض من المسؤولين يعتقد ان حركة الترويج الإعلامية الإعلانية المدفوعة الثمن ستكون بمنزلة خط دفاع إعلامي عنه فيما لو - لا سمح الله - تعرض لهجوم مضاد سواء كان سياسيا او إعلاميا من اي جهة كانت، والحقيقة ان ذلك المسؤول كل ما يفعله هو نشر صورة إيجابية عنه في وسائل التواصل، ولكن هل تكفي هذه المحاولات التلميعية للمسؤول في تصدير صورته الإيجابية لحمايته من مساءلة سياسية او استهداف شعبي غير موجه في حال حصل خطأ ما في الجهة التي بمثلها؟! طبعا لا فكتاب خطأ واحد او كارثة مالية او حتى خطأ غير مقصود يمكن ان يحرق كل الصور الإيجابية التي صدرها للناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة ان كان فعلا لم يقم بعمل شيء حقيقي او إنجاز ملموس على أرض الواقع، فالصور مهما بلغت إيجابيتها تبقى مجرد صور، تسكن ذاكرة الناس اللحظية والتي سرعان ما تسقط عند أول اختبار سياسي حقيقي او مواجهة فعلية او بخطأ ما يحوله الناس إلى قضية رأي عام ضد هذا المسؤول، لتحترق كل صوره في دقيقتين.
****
تصدير بعض المسؤولين لصورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الصورة يضرهم من حيث لا ينفعهم، ويضر البلد أيضا، لأنهم يستخدمون خدعة إعلامية قديمة وان استخدموا من اجلها وسائل حديثة، خدعة قديمة أكل الدهر عليها وشرب، وكانت تنفع لبعض الوقت لخداع بعض الناس، ولكنها لا تنفع كل الوقت لخداع كل الناس.
****
صورك في تويتر وتصريحاتك لن تعدل من واقع وجود أخطاء حقيقية تستوجب منك مكاشفة نفسك اولا والناس ثانيا، فإذا كان الهدر في المشاريع التي تتولاها موجودا فلا يمكنك ان تغطي هذا ولا بـ ١٠٠ صورة إيجابية لك، وإذا كان نقص الخدمة او ضعفها التي يفترض ان تقوم على تطويرها، لن تتطور وانت لا تعرف سوى ترويج صورة شخصية عنك، ما شأننا نحن وصورتك الشخصية؟! تلمعت ام لا؟! ماذا استفدنا نحن كمواطنين من تصديرك لصورتك؟! ماذا قبضنا؟! ماذا قبض البلد؟! هل فقط لتطيل بقاءك في منصبك شهرا او شهرين او حتى عاما او عامين؟! ثم ماذا؟! لأنك سترحل وترحل معك صورتك الإيجابية التي صدرتها لنا وتبقى أمامنا حقيقة مرة، هي انه لم يتغير شيء، فأنت جئت ولمعت صورتك ورحلت، وبقي الحال «على طمام المرحوم» فلا خدمة تطورت ولا منشآت قامت ولا تحسن ملموس.
***
ماذا قبضنا من صورتك الإيجابية مبتسما؟! لا شيء، بالمناسبة انت هنا لا تخدعنا، فالناس أصبحت أكثر وعيا، لأن الناس لا يهمهم سوى ان ترى شيئا ملموسا، وصورتك الإيجابية التي تحاول تصديرها يوميا ليست شيئا حقيقيا بل مجرد شيء افتراضي سينتهي به المآل الى أرشيف الشبكة العنكبوتية ولن يعود له احد.
****
السياسة الإعلامية من نظام «صورني وأنا ما أدري» و«امدحني وأنا مالي خلق»، و«شوفوني أقوم بجولات تفتيشية مفاجئة» هذه كانت تنفع في التسعينيات وما قبلها، وكانت ناجحة وصدقها الناس مثلما كانوا يصدقون أفلام بوليوود، والآن الناس لا تصدق ما تفعلونه، لماذا؟! ببساطة الناس الآن لا تصدق سوى ما تلمسه من إنجازات، لا بما تعدون به او تدعون إنكم ستنجزونه، فمخرج الفيلم الهندي لم يعد مقنعا حتى للجمهور الهندي، وأنتم تصرون على ان تمارسوا خدعة إذاعة صوت العرب قبل النكسة.
****
توضيح الواضح: الخطاب الإعلامي الحقيقي المتزن العقلاني هو الحل، اما خطاب التلميع الشخصي فسينكشف عند اول اختبار سياسي للمسؤول.
[email protected]