مشكلتنا السياسية الغريبة أن كل حكومة يتم تشكيلها اثر حل لمجلس الأمة او استجواب، يتحدث النواب من أصحاب النفس المعارض يرفضون اعادة توزير «وزراء التأزيم» وهم الوزراء الذين استهدفتهم نيران المعارضة إما بالاستجواب أو التلويح بالاستجواب قبل حل مجلس الأمة او قبل استقالة الحكومة.
****
ولكن منذ ظهور مصطلح «وزراء التأزيم» منذ العام 2006، من هم وزراء التأزيم الذين أطلق عليهم هذا المصطلح؟!، سنجد أنه ليس من بينهم وزير واحد اتهم صراحة في أي من محاور الاستجوابات بذمته المالية في سرقة او تجاوز على المال العام او تنفيع او تجاوز على الحقوق الدستورية للمواطنين او انه تسبب في خطأ كارثي لا يغسل خطأه سوى رحيله بل سجنه أيضا، بل ان أغلب المحاور تدور في فلك الاستعراض السياسي، بطريقة خلق عرض اعلامي سياسي كبير من قضية صغيرة او تجاوز اداري حصل في عهد الوزير، انا هنا أتكلم منذ 2006 حتى الآن وليس قبلها.
****
سنلاحظ ان الوزراء الشيوخ او غيرهم المستهدفين بالاستجوابات ممن أطلق عليهم «وزراء مؤزمين» أو «وزراء تأزيم» هم وقتها كانوا يتبعون جناحا سياسيا معينا بعيدا عن خط نواب المعارضة، وهذا طبيعي جدا في المعادلة السياسية، ما يعني أن بعض استجواباتهم بأي شكل جاءت كانت إما استهدافا سياسيا للوزير أو استهدافا للجناح السياسي المقرب منه الوزير حتى وان لم يكن الوزير ينتمي له أصلا.
****
القصة وكما هو الواضح في بعض الاستجوابات يمكن رصده في طرق الاستهداف المسبق لأي وزير حتى قبل إعلان التشكيل.
****
هناك ولا شك استجوابات أصلحت وعدلت من مسار خاطئ، ولكن الاستجوابات الاخيرة لم تنبت سنبلة إصلاح واحدة كون محاورها أصلا انتقاء سياسيا لأخطاء شائعة في أي جهاز إداري حكومي، وبعض المحاور كان غير دستوري إما في قضية ليست من اختصاص الوزير او محور سابق لتولي الوزير.
****
صراحة، أتحدث عن استجوابي الشيخ سلمان الحمود والشيخ محمد العبدالله، فنتيجة استخدام الآلية الرقابية الأعلى لم تؤد لحل مشكلة، دستوريا على الأقل منطقيا لم يكن لهما اي داع ودون دخول في النوايا، علينا ان نحسب النتائج التي انتهى إليهما الاستجوابان، وبحسابات الربح والخسارة سياسيا وشعبيا سنجد انه لم ينتج عنهما أي شيء على ارض الواقع، لذا يحملان وبجدارة صيغة الاستجواب من اجل الاستجواب.
****
الاستجوابات بهذه الطريقة هدر لا مبرر له من وقت مجلس الأمة الذي هو وقتنا نحن المواطنين ممن ننتظر قوانين إصلاحية، وقوانين اقتصادية تساهم في بناء وإعمار البلد، بل وتعديلات قوانين حقيقية كمقترح خفض سن التقاعد الذي تم ترحيله إلى أجل غير مسمى بسبب استجواب دفعنا ثمنه من ساعتنا الدستورية، فهذا الشهر الأول من دور الانعقاد الحالي سيذهب دون التئام للمجلس.
****
ماذا استفدنا؟!.. لا شيء.
****
ليتنا لم نستفد شيئا فقط، لا، بل نحن خسرنا 30 يوما ديموقراطية مقابل هذه اللاشيء.
[email protected]