والدي، حفظه الله، أصر على أن أقوم بالحصول على رقم تداول خاص بي في البورصة، وحرصا مني على طاعته رغم عدم قناعتي بالموضوع من أساسه، ذهبت كـ «خووش وليد» وابن يبر بوالده مادام ان هذا الفعل سيرضيه وقمت بدفع قيمة رسوم التسجيل لدى موظف كويتي يقطر عسلا، حصلت على رقم التداول وخرجت ومنذ أن حصلت على رقم التداول وحتى يومنا هذا لم استخدمه يوما، لم أكن يوما خبيرا اقتصاديا ولا محللا ماليا ولا أفهم من القضايا المالية سوى أفق حدود راتبي وطريقة توزيعه كثروة مؤقتة تستمر لأربعة أو 5 أيام على أكثر تقدير، ولكنني شخص منطقي حتى النخاع وأقيس الأمور بمتقابلاتها، وأعرف أن البورصة لدينا سمك لبن تمر هندي «على شوية سڤن أب» ووالله لو أن بعضا مما يحصل في ذلك المبنى البني الجميل يحصل في أي بورصة في العالم لوجدنا عشرات من الهوامير يقتادون يوميا إلى القضاء بتهمة التلاعب بمقدرات خلق الله من الفقراء الذين يدخلون البورصة وأعينهم على سهم ما أن يشع بلونه الأخضر ليوم أو ليومين حتى يأتي أحد الهوامير ويقوم بتحمير عينه بيعا عشوائيا ليحمر السهم.
لا أدعي فهما بما يحصل ولا أريد أن أدعي أنني أفهم ولكن سأحيلكم إلى من يفهم ويداوم في البورصة يوميا وجفت «لهاته» وهو يصرخ بالجميع «لا شفافية هناك تلاعب» ويوميا تجدونه منور شاشة تلفزيون الكويت على القناة الأولى في برنامج المؤشر وأعني بحديثي المحلل الكويتي عايد العنزي، الذي لو أخذت حقيقة واحدة مما يقول في برنامجه أثناء فقرته التحليلية وقدمت كبلاغ للنائب العام لسجل ما لا يقل عن 16 قضية يوميا ضد «أكبرها وأسمنها» وظل منذ شهر يوليو الماضي والعنزي يقول «لا توجد شفافية في السوق الإعلانات في الصحف تختلف عما هو معلن في البورصة فالشركات تقول في الصحف شيئا وفي إعلانات السوق شيئا آخر تماما وظل يكرر ويكرر تحذيراته حتى «قوع» مؤشر البورصة إلى ما دون الـ 7000 نقطة.
عندما سألت والدي عما يحدث في البورصة سألني: «هل تتذكر سوق الجت والتجمعات الصغيرة في أوائل الثمانينيات «أجبته نعم أتذكر»، فقد كنت أذهب مع والدي إلى هناك بشكل شبه يومي فقال لي: «البورصة اليوم تدار بذات العقلية التي كان يدار بها سوق الجت عندما كان مقرا لصغار المضاربين ومكاتب الدلالة، نعم تغير المبنى وتغيرت المصطلحات المستخدمة ولكن العقليات هي ذات العقليات لم يتغير شيء».
[email protected]